من دون سابق إنذار، ضرب زلزال بقوة 6.8 درجات، على بعد حوالي 70 كيلومترا جنوب غربي مراكش في المغرب. وذلك يوم الجمعة الماضي في تمام الساعة الحادية عشرة وأحد عشرة دقيقة ليلاً بالتوقيت المحلي. وذلك اعتمادا على معطيات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. وقد أودى هذا الزلزال بما يقرب إلى 3000 قتيلا وآلاف الجرحى حتى الآن. فيما ما زالت الهزات الارتدادية تعود بين الفينة والأخرى وسط محاولات الوصول إلى القرى المعزولة.
وحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن مركز الزلزال كان قرب بلدة إغيل في ولاية الحوز على بعد 71 كيلومترا، جنوب غربي مراكش، وعلى عمق 18.5 كيلومترا.
غير أن إقليم الحوز، الذي كان الأكثر تضررا وتوسطته بؤرة الزلزال. يبعد عن حد التصادم بين الصفيحة الأفريقية والأوراسية بنحو 500 كيلومتر من الجنوب منها. وبالتالي كان العلماء يستبعدون حدوث زلزال بهذه القوة في هذه المنطقة.
ما الذي جعل من زلزال المغرب مميتا؟
تشير مسلمات الجيولوجيا إلى أن الزلازل تحدث عادة في المناطق الواقعة عند الحدود الفاصلة بين الصفائح التكتونية. لذلك، فإن اليابان وإندونيسيا وتركيا وإيطاليا واليونان هي من بين المناطق النشطة زلزاليا.
وفي شمال إفريقيا، تقع المغرب مثل الجزائر وتونس أقصى شمال الصفيحة التكتونية الإفريقية، التي تتقابل مع الصفيحة الأوراسية. والتي تضم أوروبا وآسيا معا، باستثناء شبه القارة الهندية وشبه الجزيرة العربية.
تمر منطقة الاتصال بين الصفيحتين الأوراسية والأفريقية بشمال المغرب والجزائر. لذلك من الطبيعي جدا، حدوث الزلازل في المدن التي تقع عند الحد الفاصل بين الصفيحتين التكتونيتين. وتقع منطقة المغرب العربي في منطقة زلزالية متوسطة. ووفقا للسجل الجيولوجي، فإن الجزائر هي الأكثر نشاطا، في حين تونس هي الأقل، ويأتي المغرب في وضع متوسط، ذلك أنه يتحرك مع كتلة جبال الأطلس.
في حالة زلزال إقليم الحوز تعلق الأمر بما يعرف بفالق معكوس. ويحدث هذا النوع من الفوالق نتيجة لضغط شديد تتعرض له طبقات الأرض فتنكسر. تتحرك في هذا النوع من الصدوع، الكتلة العلوية فوق مستوى الصدع، لمستوى أعلى من الكتلة السفلى. مما أدى إلى دفع السفح إلى الأعلى، نتيجة للتوتر المتراكم بين الصفيحتين الإفريقية والأوراسية مع مرور الوقت.
هي العملية التي تأخذ وقتا طويلا لتتطور في المناطق الداخلية للصفائح التكتونية، مما يؤدي إلى نشاط زلزالي ضعيف أو متوسط التكرار. ويقول العلماء إنه كان من المستحيل التنبؤ بمثل زلزال إقليم الحوز، فالحركة في المناطق البعيدة عن حدود الصفائح بطيئة للغاية وغير قادرة على توليد زلزال بمثل هذه القوة إلا بعد وقت طويل.
قالت باولا ماركيز فيغيريدو، عالمة الجيولوجيا التي تبحث في التكتونيات النشطة والتكتونيات الحديثة، إن الصدوع التكتونية العكسية تقع شمال جبال الأطلس وتنحدر باتجاهها عند نقطة واحدة. وأضافت: “لا يمكن للصدوع أن تتحمل الضغط إلا بدرجة كبيرة، ومن حين لآخر [كل آلاف السنين]، يحدث زلزال كآلية للتخلص من الضغط المتراكم”.
بين ندرة الزلازل وتدبير المخاطر
جاء زلزال إقليم الحوز في المغرب، بعد نحو 399 عاما على زلزال 11 ماي 1624. الذي ضرب مدينة فاس، والذي صُنّف من “أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ المغرب”.
كما شهدت المنطقة عدة زلازل. ففي عام 1960، هز زلزال مدينة أكادير المغربية وأودى بحياة أكثر من 12 ألف شخص. ولم يكن الزلزال أقوى من الذي ضرب إقليم الحوز، لكن مركزه كان أسفل مدينة أكادير مباشرة.
يقول البروفيسور بيل ماكغواير، الأستاذ الفخري للمخاطر الجيوفيزيائية والمناخية في كلية لندن الجامعية: “المغرب ليس المكان الأول الذي يتبادر إلى ذهن الناس عندما يفكرون في الزلازل، لكنها تحدث بالفعل. ومع ذلك، فإن هذه الكارثة كبيرة بشكل خاص بالنسبة للمنطقة. وهي الأكبر منذ أكثر من 120 عاما. وكما تشير إلى ذلك أعداد القتلى المتزايدة، فهي مميتة. تكمن المشكلة في أنه عندما تكون الزلازل المدمرة نادرة، فإن المباني ببساطة لا يتم بناؤها بقوة كافية للتعامل مع الهزات الأرضية القوية، مما يؤدي إلى انهيار العديد منها وهذا يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا”.
تأثير عمق الزلزال على القشرة الأرضية
تصنف الزلازل حسب عمقها إلى ثلاثة أصناف: الزلازل العميقة، المتوسطة أو الضحلة (أنظر الصورة الرئيسية). وإن كان عمق الزلازل لا يؤثر على مدته أو شدته عكس نوعية الفالق وطوله، فإنه يؤثر على مدى التأثير على القشرة الأرضية من خلال طريقة تنقل الموجات.
إذ أن الزلازل التي يتراوح عمقها بين ثلاثمائة وسبعمائة كيلومترا هي الأقل ضررا على القشرة الأرضية وهي التي تسمى الزلازل العميقة. فيما تعتبر الزلازل الضحلة (وهي الأكثر انتشارا) الأكثر تأثيرا ودمارا. إذ تنتقل الموجات السطحية بصورة أسرع من الموجات الداخلية.
وحددت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية عمق زلزال الحوز في 18 كيلومترا بينما حدد المعهد الجيوفيزيائي المغربي، المتوفر على محطات الاستشعار الأقرب، العمق في حوالي 12 كيلومترا.