على الرغم من مرور حوالي 3 سنوات على ظهور فيروس كورونا فإنّه ما زال حديث الساعة، لكن لم يعد الخوف منه كالسابق. في البداية كان الهلع سائداً خصوصاً مع عدم قدرة فهم أصل الفيروس وكيفية رصده أو معالجته، فلجأ الخبراء إلى اللقاحات لعلها تحمي من الاصابة. وقد أكدت جميع الجهات الطبية أنّ هذه اللقاحات حمت حوالي 85% من الاصابة بفيروس كورونا، فيما اعتقد البعض أنّها أضعفت المناعة وانعكست سلباً على صحة الانسان.
لا يمكن أن ننكر أن العالم لم يعد يبالي لفيروس كورونا أو لانتشاره نتيجة الكبت المفاجئ الذي فٌرض عليهم بقسوة والذي عاشوه في الحجر المنزلي لعدة أشهر متواصلة.
وقد انعكس ذلك سلباً على نفسية غالبية الناس، منهم من خسر عمله، منهم من تغيرت حياته كلياً نتيجة نمط الحياة الجديد الذي فرض عليهم ومنهم من اعتاد على الانعزال. وقد ربط الكثيرون ما حصل بنظرية المؤامرة وأنّ السياسات الكبرى حضّرت هذا الفيروس عن قصد للتخلص من عدد السكان الهائل الذي بات يشكل عبئاً على الكرة الأرضية، ويرون أنفسهم ضحية تلاعب الدول الكبرى وسياستها.
أعراض طويلة الأمد بعد الإصابة
أجمعت الدراسات العلمية على أنّ الشخص بعد الاصابة بفيروس كورونا قد يعاني أعراضا طويلة الأمد، فما يزيد عن 12% من الأشخاص الذين أصيبوا بكورونا يعانون أعراضاً مديدة مرتبطة تحديداً بالمرض، إذ تنخفض الأجسام المضادة بعد الاصابة وتضعف المناعة نتيجة الالتهابات الحادة أثناء الاصابة.
وقد قال يوشين شميت من المستشفى الجامعي في دريسدن إنّ “أمراض المناعة الذاتية ظهرت بصورة ملحوظة في جميع الفئات العمرية والجنسية في الفترة التي تلت الإصابة”.
وتتمثل أعراض أمراض المناعة الذاتية في آلام أو ضعف المفاصل، حمى، أرق، فقدان الوزن، عدم تحمل الحرارة أو ضربات قلب سريعة، طفح جلدي متكرر، حساسية من أشعة الشمس، وطفح جلدي على شكل فراشة على الأنف والخدين، فقدان الشعر أو بقع بيضاء على الجلد أو داخل الفم، فم جاف، صعوبة في التركيز ووجع بطن. كما يكمن الخطر في الاصابة بمرض السكري والتهاب المفاصل الروماتويدي وأمراض المناعة الذاتية الأخرى التي تشكل حوالي 80 نوعاً مختلفاً من بينها التهاب المفاصل الصدفي والتصلب المتعدد.
كما أن من بين الأشخاص المصابين بفيروس كورونا، يحتفظ واحد من كل ثمانية بأحد الأعراض المرتبطة بالمرض على المدى الطويل. ومن هذه الأعراض: ألم البطن، صعوبة في التنفس، آلام في العضلات، فقدان حاسة الذوق أو الشم، وخز، انزعاج في الحلق، هبات ساخنة أو باردة، ثقل في الذراعين أو الساقين وإرهاق عام أيضاً. بما في ذلك الاكتئاب أو التشوش الذهني.
في الواقع، سجل لدى 9% من غير المصابين بكورونا أحد الأعراض الموصوفة سابقاً. أمّا نسبة المصابين سابقاً بالفيروس والذين سجلوا أحد هذه الأعراض فبلغت 21,4٪. وتمكن الباحثون عن طريق طرح النسبتين من استنتاج أن ما يزيد قليلاً على 12% من الأشخاص الذين أصيبوا بكورونا يعانون أعراضاً مديدة مرتبطة تحديداً بالمرض.
انكماش في المخ وتغييرات في الدماغ جراء الاصابة
خلصت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد إلى أن فيروس كورونا يمكن أن يسبب انكماش المخ وتقليل المادة الرمادية في المناطق التي تتحكم في العاطفة والذاكرة وإتلاف أجزاء تتحكم في حاسة الشم.
كما لفتت دراسة في مجلة Biological Psychiatry: Global Open Science إلى أنّ “ظهور علامات الشيخوخة المبكرة على أدمغة المراهقين بفعل الضغوط المرتبطة بوباء كورونا”. وتحدث التغييرات في بنية الدماغ بصورة طبيعية مع تقدمنا في السن. ومع ذلك، تشير النتائج الجديدة إلى أن الآثار النفسية والعصبية لوباء كورونا ربما كانت أسوأ على المراهقين”.
وأكد إيان غوتليب، من جامعة ستانفورد إلى أنّه ” نعلم بالفعل من الأبحاث العالمية أن الوباء قد أثر سلباً على الصحة العقلية لدى الشباب، لكننا لم نعرف بالضبط تأثيره على أدمغتهم. وحتى الآن، ظهرت هذه الأنواع من التغييرات المتسارعة في (عمر الدماغ) فقط لدى الأطفال الذين عانوا من محنة مزمنة، سواء بسبب العنف، أو الاهمال، أو الخلل الوظيفي الأسري، أو مجموعة من العوامل المتعددة”.
وأشار جوناس ميلر، من جامعة كونيتيكت في الولايات المتحدة، إلى أن “المراهقة هي بالفعل فترة إعادة تنظيم سريعة في الدماغ، وهي مرتبطة بزيادة معدلات مشكلات الصحة العقلية والاكتئاب وسلوك المخاطرة”.
أجريت الدراسة من خلال مقارنة فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي من مجموعة مكونة من 163 طفلاً، قبل الجائحة وأثناءها، وأظهرت دراسة غوتليب أن هذه العملية التنموية تسارعت لدى المراهقين خلال تعرضهم لفترة الاغلاق بسبب كورونا.
فعالية حبوب باكسلوفيد ضد كورونا
أثبتت حبوب باكسلوفيد التي أنتجتها شركة فايزر فعاليتها ضد المتحور أوميكرون بعد إجراء 3 دراسات معملية منفصلة. وتم اكتشاف أنّ المكوّن الرئيسي لهذه الحبوب هو نيرماتريلفير ضد أنزيم رئيسي يسمى البروتياز، الذي يحتاجه فيروس كورونا لتوليد نسخ منه. وحسب إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) فإن الاستخدام الطارئ لهذه الحبوب هو للمرضى المعرضين لخطر عال والذين يبلغون 12 عاماً فما فوق، عبر حبتين تؤخذان مرتين يومياً لمدة خمسة أيام من تاريخ تشخيص المرض، ولخمسة أيام بعد ظهور الأعراض، لتجنب دخول المستشفى.
تشابه أعراض كورونا والانفلونزا
حاليا بات الجميع يتعامل مع فيروس كورونا كأنفلونزا عاد، خصوصاً أنّ أعراضه تتشابه مع أعراض الرشح العادي، مع العلم أنّ الاصابات بأنفلونزا الخنازير H1N1 كانت مرتفعة جداً هذه السنة مع أعراض مميتة، ورجح بأنّ سبب ذلك كان عدم تلقي المواطنين للقاحات الموسمية.
لم يكتف الخبراء الطبيون بلقاحات كورونا التي أُصدرت، بل عملوا على تطويرها لتواكب مُتحورات كورونا سريعة الانتشار، وطرحوا جرعات معززة من لقاح فايزر وغيره من اللقاحات للحماية، حتى أنّهم أصدروا لقاحاً أنفيا.
لكن في الوقت الراهن لم تعد حكومات الدول مهتمة لفيروس كورونا باعتباره جائحة ومرت، وهذا ما يقلق منظمة الصحة العالمية إذ ما زالت تناشد الدول بتقديم بياناتها عن الاصابات والوفيات لتجنب أي انفجار صحي واتباع معايير الوقاية اللازمة.