خلال كل أربع سنوات، تستأثر بطولة كأس العالم باهتمام منقطع النظير. وفي سنة 2022، أقيمت هذه البطولة لأول مرة في دولة عربية ألا وهي قطر, والتي كانت نسخة استثنائية. ومع امتداد البطولة إلى نحو شهر، حذر مختصون في الصحة النفسية مما أصبح يصطلح عليه ب”اكتئاب ما بعد المونديال”.
عاش الجمهور داخل قوقعة من المتعة والإثارة مع نجوم الساحرة المستديرة، مخلفين وراءهم مشاكلهم الشخصية والعملية والدراسية لمدة شهر تقريبا. بدءا من حفل افتتاح المونديال المقام بإستاد البيت، والذي شهد عروضا غنائية قبل المباراة الافتتاحية بين قطر والإكوادور.
وتلته مرحلة دور المجموعات، والتي عرفت أجواء حماسية غير مسبوقة. خاصة عند المغاربة، بعد احتلال منتخبهم الوطني الرتبة الأولى في دور المجموعات ب 7 نقاط. فضلا عن الفعاليات المقامة على مدار الساعة.
وجاءت بعد ذلك مرحلة خروج المغلوب. التي صاحبتها كل الأهازيج والاحتفالات التي يمكن أن تستمر لأيام. وصولا إلى المباراة النهاية، التي فازت بها الأرجنتين على فرنسا. ليسدل بذلك مونديال قطر 2022 الستار، حاملا معه ذكريات ملايين عشاق كرة القدم.
المونديال … متنفس استثنائي للمولعين بكرة القدم
من المولعين بكرة القدم الذين يجدون بطولة كأس العالم المتنفس الوحيد لنسيان مشاكلهم وضغوطاتهم اليومية. إذ يعيش هؤلاء، خلال فترة كأس العالم، في عالم مليء الحماس والأحاسيس الإيجابية والانفعالات. قبل أن يعود الإنسان إلى الواقع والروتين اليومي الممل، ليجد صعوبة في التأقلم معها.
يتعلق اكتئاب ما بعد المونديال كذلك بالطبيعة البشرية، وميول الناس إلى الصراع والتنافس بين بعضهم، والذي يتطور عبر مراحل المسابقة إلى صراع بين الدول. وبذلك، فإن ساحة المعركة وساحة اللعب متشابهتان للغاية. فكل منتخب ولاعب يمثل وطنه وهويته، ويقوم بكل مجهوداته من أجل الفوز على منافسه.
تبدأ المباراة بالنشيد الوطني الخاص بكل فريق. لترفع بعد ذلك الأعلام والرايات، وتعم أجواء تشجيعية بمدرجات الملعب. وفي نهاية المباراة، يشعر المنتصرون بفرحة الإنجاز والتفوق على الآخرين، ويعبرون عن ذلك من خلال التباهي والرقص ونزع ملابسهم. فيما يشعر الخاسرون بالحزن والخسارة والإحباط والتذمر.
هل “اكتئاب ما بعد المونديال” مرض نفسي؟
حسب إيمان روحلي أخصائية في الطب النفسي، وفي حديث لها مع وكالة المغرب العربي للأنباء، فإنه لا توجد علاقة سببية مباشرة بين الفوز في مباريات المونديال أو الهزيمة والإصابة بالاكتئاب. مبرزة أنه لا توجد بحوث أو دراسات أو إحصائيات تؤكد إصابة الجمهور بما يدعى “اكتئاب ما بعد المونديال”.
غير أنها المرة الأولى التي نعود فيها مباشرة من واقع الكأس العالمية المبهر والمتميز إلى واقع ملاعب البطولة الاحترافية، وتحكيمها، وإخراجها التلفزيوني البئيس. وذلك بحكم تنظيم المنافسة لأول مرة في شهر دجنبر بعد استحالة تنظيمها صيفا كما هو معتاد. وهو الأمر الذي أثار في أذهاننا ومشاعرنا مقارنات جعلت من هذا الاكتئاب إلى حد ما حقيقة ملموسة. خاصة بالنظر إلى ما عشناه كمغاربة من خلال الإنجاز التاريخي لأسود الأطلس.
بانتهاء هذا العرس الكروي، من المستحسن أن يقوم الشخص بضبط انفعالاته، وكذا التركيز على حياته واهتماماته. ولما لا البحث عن اهتمامات وهوايات أخرى للخروج من النمط المعتاد، أو البحث عن أهداف جديدة لتجديد مسار حياته.