شهدنا في الفترة الأخيرة عشرات الزلازل التي حدثت في مختلف بلدان العالم، حيث وصل عددها لما يقارب 1000 زلزال منذ بداية عام 2023، والتي تتراوح شدتها ما بين 4 إلى 7.9 درجة على مقياس ريختر. مُسببة خسائر فادحة في الأرواح ودمارًا شاملًا في المناطق السكنية والمرافق العامة وانهياراتٍ شديدة في البنية التحتية.
وكان آخر هذه الزلازل “زلزال الحوز” في المغرب، والذي ضرب البلاد يوم 8 شتنبر بقوة 7 درجات حسب المعهد الجيوفيزيائي المحلي، والذي وصفه باحثون بأن قُوته المحررة تُعادل قوة 25 قنبلة نووية. وأودى الزلزال بحياة أزيد من 2600 قتيلا إلى حدود كتابة هذه السطور في ظل تواصل عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين عبر مناطق جبلية مختلفة.
زلزال المغرب كان مسبوقًا بزلزالٍ آخر لم يكن أقل منه فَظاعة؛ حيث استيقظ العالم في 6 فبراير الماضي على كارثة أحلّت بجنوب تركيا وشمال سوريا. إذ ضَرب زلزال المنطقتان بقوة 7.8 درجة وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية مُسفرًا عن أكثر من 11 ألف قتيل و54 ألف جريح في المنطقتين وفقًا للأرقام الرسمية.
ماهية الزلازل وكيفية حدوثها
تعتبر الزلازل واحدة من الظواهر الطبيعية التي تحدث بسبب اهتزاز أو عدة اهتزازات مفاجئة ومتتالية لسطح الأرض بسبب تحرك طبقة الصخور تحت سطح الأرض أو بسبب حدوث نشاطات بركانية. وتحدث هذه الاهتزازات دون سابق إنذار وفي وقت قد لا يتعدى الثواني القليلة.
جدير بالذكر، أن حركة الصخور هي حركة طبيعية تحدث بشكل مستمر وليس فقط وقت حدوث الزلازل. إلّا أنها في العادة تتحرك بمعدل 1 إلى 20 سنتيمترًا في السنة. بذلك من الصعب جدًا الإحساس بحركتها.
في حين، إننا نشعر بذلك، عندما يزداد معدل حركتها بسبب احتكاكها ببعضها البعض بشكل أكثر قوة، مما يسبب حدوث الزلازل القوية التي نشعر بها فيما بعد. وفي بعض الأحيان يَسبق الزلزال الرئيسي عدة زلازل أقل منه قوة، تحدث في ذات مكان حدوث الزلزال الرئيسي. إلّا أن العلماء لا يمكنهم الجزم بأن هذه الاهتزازات ستكون متبوعة بالزلزال الأكبر إلّا بعد حدوثه. وإن كان حدوث هذه الهزات الصغيرة قليلة الحدوث قبل الزلزال الأكبر، إلّا أنه من المؤكد حدوث عدة اهتزازات ارتدادية فيما بعد وتكون في ذات المكان، ويمكن أن تستمر لأسابيع أو أشهر أو حتى سنوات بعد الهزة الكبيرة.
هل يتزايد عدد مرات حدوث الزلازل؟
إن الأحداث الأخيرة التي شهدناها قد تعطي انطباعًا بأن نشاط الزلازل آخذ في التزايد؛ إلّا أنه ووفقًا لإحصائيات الزلازل على مدار العقدين الماضيين، فليس هناك اختلافات في عدد مرات الهزات الأرضية. إلّا أنه من المنطقي لأي ظاهرة طبيعية وعشوائية أن تختلف نسبة حدوثها كل عام عن العام الذي قبله ضمن المتوسط الطبيعي.
إلّا أن سبب إحساسنا بأن عددها يتزايد عبر السنين يعود لأمور أخرى بعيدة كل البعد عن طبيعة حدوث الزلازل أو أسبابها. ويرجع الأمر لازدياد قدرة البشرية في اكتشاف الزلازل وقياسها خلال العقود السابقة. وهذا بسبب زيادة عدد محطات قياس الزلازل التي تستشعرها بدقة وباستمرار. بالإضافة إلى أن زيادة الكثافة السكانية في مناطق يعني أن زيادة في عدد الأشخاص الذي من الممكن تضررهم بسبب هذه الظاهرة.
وجود عدد أكبر من الناس في مكان حدوث الزلازل يعطي إحساسا بأن عدد الزلازل في ازدياد. إلّا أن الحقيقة أن عددها ثابت، ما يتغير هو تأثيرها الذي يزداد. إضافة إلى أننا اليوم، في عصر التكنولوجيا، أصبح من يعيش في أقصى شمال العالم على دراية بما يحدث في أقصى جنوبه. وبالتالي نُصبح على عِلم بعدد أكبر من الزلازل التي تحدث.
المناطق الأكثر عُرضة للزلازل
تمكّن العلماء من تحديد بعض الأمور التي تجعل من بعض الأماكن أكثر عرضة لحدوث الزلازل فيها بشكل أكبر من غيرها. وذلك بناءً على ما توصل إليه العلم بخصوص ذلك. حيث تتركز غالبية الزلازل العالمية في المناطق الواقعة بالقرب من حدود الصفائح التكتونية مثل: اليابان وتركيا وإيطاليا. إضافةً إلى الأماكن القريبة من المحيط الهادي لتشمل مناطق الساحل الغربي للولايات المتحدة، وغرب المكسيك، وأمريكا الوسطى وغرب أمريكا الجنوبية؛ حيث يَحدث هناك نحو 90% من الزلازل في العالم.
التنبؤ بالزلازل قبل حدوثها حقيقة أم كذبة؟
يعتبر العلماء أنه من الصعب جدًا التنبؤ بمكان ووقت حدوث الزلازل، وأي جهاز أو أداة تم استخدامها لهذا الأمر لم تعط أي نتائج واضحة أو صحيحة بخصوصه. وإن كان هناك بعض الأجهزة التي تساعدهم في معرفة احتمالية حدوث زلازل في المستقبل إلّا أنها لا تعطي معلومات كافية عن مكان ووقت حدوثه. بذلك، كل المعلومات التي يتم نشرها الآن أو سابقًا بما يخص هذا الأمر فهو محض كذبة. فلا صحة لما يُشاع أن الزلازل تحدث صباحًا أكثر من وقت المساء على سبيل المثال.
كما يؤكد العلماء أن أي إشاعات بخصوص قدرة شخص على التنبؤ بحدوث الزلازل أو إن كانت الحيوانات قادرة على التنبؤ بها؛ أنها تبقى مجرد ملاحظات تنتظر أن يأتي الوقت الذي يمتلكون فيه القدرة على تأكيدها، يومًا ما.