ظهر النوع الأول من داء السكري سنة 1921. وعندما يصيب هذا النوع أي طفل أو شاب، يقل الإنسولين في جسمه، ويرتفع السكر تدريجيا. وتظهر على المريض عدة أعراض منها الجوع الشديد، كثرة التبول والإرهاق والضعف.
تفشي مرض السكري
خلال سنة 1921, أصيب الآلاف من الأشخاص بمرض السكري، وتوفي العديد منهم نظرا لعدم وجود علاج له. حيث كان الحل الوحيد لإبطاء السكري في ذلك الوقت، اتباع حمية غذائية قاسية: تعتمد على تناول ما لا يزيد على 500 سعرة حرارية، والابتعاد نهائيا عن الكربوهيدرات. مع العلم أن جسم الإنسان يحتاج نحو 2000 سعرة حرارية يوميا، وأن الكربوهيدرات ضرورية لتغذية جسم الإنسان. لذا فقد عانى مرضى السكري من المجاعة والضعف الشديدين، لا سيما الأطفال منهم، والذين كانوا بأمس الحاجة إلى التغذية الجيدة لتنموا أجسادهم.
فريدريك بانتنغ.. مخترع إبرة الإنسولين بكندا
في العشرينيات من القرن الماضي، بدأت قصة البحث عن علاج للمصابين بمرض السكري في العالم. بعدما عاد فريدريك بانتنغ من إحدى جبهات الحرب العالمية الأولى، كان عمره آنذاك 29 عاما. وكانت الفكرة التي تدور في ذهنه كون هناك مادة مجهولة يصنعها البنكرياس هي المسؤولة عن استقلاب النشويات إلى سكريات، وهذه المادة المجهولة لم يستطع أحد اكتشافها إلى ذلك الحين.
سمح البروفيسور ماكلويد رئيس قسم وظائف الأعضاء لبانتنغ أن يجري تجاربه في مختبر صغير مهجور. وعين له مساعدا اسمه شارلز بيست. والفكرة العبقرية التي فكر فيها د.بانتنغ هي أنه إذا ربط قناة البنكرياس ومنع العصارة الهضمية من الخروج إلى الأمعاء، فإنها ستتراكم داخل هذه الخلايا وتتلفها. وهذا يعني أن الخلايا الأخرى في البنكرياس لن تتأثر بهذا الربط، لتكون هي الخلايا التي تفرز المادة المجهولة.
كان العمل مرهقا جدا، حيث أجرى فريديريك بانتنغ تجاربه على المئات من الكلاب الضالة، ولكن دون جدوى. حتى جاء دور الكلب رقم 410، والذي أجريت عليه نفس التجربة. وبعد ساعة من حقنه، كانت المفاجأة. فقد بدأت نسبة غلوكوز الدم تنخفض، لتعود بعدها إلى المستوى الطبيعي. نجحت التجربة، والإبرة الجديدة التي تم اكتشافها لعلاج مرض السكري هي إبرة الإنسولين التي تم اكتشافها بمدينة تورونتو بكندا.
ليونارد تومبسون.. أول طفل يحقن يعالج من مرض السكري
في يوم 11 يناير 1922, تمت أول عملية حقن لطفل مصاب بداء السكري في تاريخ البشرية (ليونارد تومبسون). كان في عمره 14 سنة، وكان على حافة الموت بسبب مضاعفات المرض. بعد ذلك، عانى الطفل تومبسون من مضافات الحساسية المفرطة، الشيء الذي جعل بانتنغ يوقف العلاج ويعمل على تنقية اللقاح.
تناقلت وسائل الإعلام آنذاك هذا الإنجاز العظيم. وفي سنة 1923, تم علاج 25 ألف طفل وشاب بالإنسولين في كندا وأمريكا. بعدها، حصل د.بانتنغ على جائزة نوبل لعزل واستخدام الإنسولين مع زملائه الثلاثة: البروفيسور ماكلويد، والمساعد شارلز بيست، بالإضافة إلى الصيدلي الذي قام بتنقية محلول الإنسولين.
أعراض المرض وأنواعه
تعرف منظمة الصحة العالمية داء السكري بكونه مرضا مزمنا يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج الإنسولين بكمية كافية، أو عندما يعجز الجسم عن الاستخدام الفعال للإنسولين الذي ينتجه. وينتج عن هذا المرض العديد من الأمراض: العمى، الفشل الكلوي، النوبات القلبية والسكتات الدماغية. كما يمكن أن يؤدي هذا المرض إلى بتر الأطراف السفلى.
وينقسم مرض السكري إلى ثلاثة أنواع:
- النوع الأول هو الأكثر شيوعا عند الأطفال والمراهقين، إذ ينتج الأشخاص المصابون به كمية قليلة من الإنسولين أو لا ينتجونه مطلقا. ويمكن علاج هذا النوع عبر استخدام حقنة الإنسولين.
- النوع الثاني من داء السكري يتميز بمقاومته لهرمون الإنسولين، ويمكن علاجه سواء بممارسة الرياضة واتباع حمية غذائية، أو باستخدام الأدوية، وفي حالة ما إذا تطور الوضع، تستخدم إبر الإنسولين.
- يصيب النوع الثالث من مرض السكري النساء الحوامل، ويسمى أيضا بسكري الحمل: وهو فرط الغلوكوز في الدم.
كيفية تجنب مرض السكري
حسب الاتحاد الدولي لمرض السكري (IDF)، فإن واحدا من كل أربعة أشخاص (26%) مصاب بهذا الداء، لم يتلقى معلومات كافية حول حالته أثناء تشخيصه. الشيء الذي يؤدي إلى جهل في التعامل مع المرض، والتسبب في مضاعفات خطيرة.
ولتجنب الإصابة بهذا المرض، يجب أولا الحفاظ على الوزن الصحي لجسم الإنسان. وذلك من خلال ممارسة الرياضة (ما لا يقل عن 30 دقيقة خلال أيام الأسبوع)، إضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي ومتكامل، خال من السكريات والدهون. كما ينصح بتجنب التدخين، لأنه يزيد من إمكانية الإصابة بهذا المرض وبالأمراض القلبية الوعائية.
غياب مادة الإنسولين تقلق مرضى السكري بالمغرب
اعتاد مرضى السكري الحصول على مادة الإنسولين من المستشفيات القريبة منهم، أو من الصيدليات التابعة للمؤسسات الصحية. إلا أن هذه الأخيرة لم تعد قادرة على تلبية هذا الطلب نظرا لقلة مادة الإنسولين.
ويمكن إعطاء مثال بمسألة نفاذ مخزون حقن الإنسولين بعمالة إنزكان بآيت ملول، حيث تم تقديم سؤال كتابي لوزير الصحة والحماية الاجتماعية مفاده الفوضى العارمة التي أحدثت بتلك المنطقة نظرا لغياب حقن الإنسولين. واضطرار بعض الساكنة إلى شرائها من الصيدليات بأثمنة جد مرتفعة. الشيء الذي يجعل عددا كبيرا من الساكنة في موقف صعب بسبب قدرتهم الشرائية الضعيفة، متسائلين حول الإجراءات التي ستتخذها الوزارة المعنية من أجل توفير مادة الإنسولين، ولتفادي الوقوع في هذه الأزمة مرة أخرى.