يمثل متحف اللوفر في باريس إحدى رموز التطور الثقافي لفرنسا، المبنى الشاهق الذي ظل شامخًا على مدار قرون عديدة وكان شاهدا على فترات الحرب والسلام. وهو الذي أذهل الكثير من الأجيال بسبب التشكيلات الفنية الفريدة، ولا زال يبهر الجميع إلى يومنا هذا.
في هذا المقال، سنتعرف على مجموعة من الحقائق عن متحف اللوفر في باريس والتي قد تكون جديدة بالنسبة للبعض.
متحف اللوفر … الأكثر زيارة عبر العالم
أًصبح متحف اللوفر الأكثر زيارة حول العالم بدءًا من عام 2018 حينما تخطى 10 ملايين زائر، وظل على هذا الحال حتى عام 2020 عندما انخفضت نسبة الزيارات للمتحف بمعدل 72% عن العام السابق له بسبب جائحة كوفيد 19.
ولم يفقد اللوفر لقبه كالأكثر إقبالا عبر العالم حتى اليوم، فهو مستمر باستقبال الملايين من خلال فتح أبوابه أمام خمسة عشر ألف زائر في اليوم.
السياق التاريخي لإنشاء متحف اللوفر … قلعة في الأصل
يعود تاريخ إنشاء متحف اللوفر إلى أواخر القرن الثاني عشر مع ازدياد قوة فرنسا في عهد الملك فيليب. وكانت باريس هي المدينة الأكبر في أوروبا، لذلك قرر الملك آنذاك بناء قلعة لتكون مركز الحماية للملكية وأُطلق عليها اسم اللوفر. لكن تصميمها لم يكن ملكيًا، بل كانت ترسانة بأبراج للدفاع ومحاطة ببوابات صغيرة وخندق مائي.
اعتقد الملك تشارلز الخامس أن ليس هناك حاجة لحماية باريس، وقرر تحويل قلعة اللوفر إلى قصر ملكي، وتم تكليف كبير المهندسين المعماريين “ريمون دو تمبل” بالقيام بعملية التحويل. وفي عام 1364 ميلادية، أصبحت المفروشات الراقية تزين القصر بإتقان كبير إضافة إلى المنحوتات واللوحات التي أضافت فخامة إلى اللوفر.
وفي عام 1791 ميلادية تم اتخاذ القرار ليصبح اللوفر قصرًا وطنيًا للملك لويس الخامس عشر مع تضمينه آثارا ثمينة من الفنون، وتحول هذا القصر إلى متحف اللوفر الذي نعرفه الآن بعد سنتين من ذلك في عام 1793 ميلادية مع تحسينه وتوسيعه في عهد نابليون بونابرت.
حين سُرقت لوحة الموناليزا وذاع صيتها
في بداية القرن الماضي وبتاريخ 21 غشت 1911، قام الإيطالي “فينتشنزو بيروجيا” بسرقة لوحة الموناليزا من متحف اللوفر. تلك التحفة التي لم يكن الملايين يعرفونها بعد بالشكل الذي نعرفه عليها في زمننا. وتسببت الحادثة في لفت أنظار العالم إلى اللوحة عندما انتشرت صورها في الصحف وأصبح اسمها متداولًا بكثرة.
ظلت اللوحة مفقودة لمدة عامين كاملين مع الاشتباه في سرقتها بواسطة “بابلو بيكاسو”، إلى أن حاول السارق الحقيقي بيعها لتاجر فنون إيطالي وانتبهت السلطات لذلك. فعادت الموناليزا إلى متحف اللوفر مرة أخرى وتصبح بسبب هذا الحادثة أكثر لوحة مشهورة على مستوى العالم.
حينما وجد هيتلر اللوفر فارغا بعد غزو باريس
إبان الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1940 تعرضت فرنسا للخسارة من الجيش الألماني، وكان من المعروف حقد هتلر على التراث الفرنسي. لذلك ذهب هذا الأخير إلى باريس ودخل متحف اللوفر مع النازيين وكانت المفاجأة فراغ جميع غرف المتحف.
فقد كان مدير اللوفر، جاك جوجارد، سريع البديهة ونظم خطة نقل 4000 عمل فني سرًا لحمايتهم من النازيين. خاصة وأن ألمانيا النازية آنذاك خصصت قسمًا لنهب تراث الدول المنهزمة ونقلها إلى خزائن الحروب.
ومنذ 1938 ومع بداية تهديد ألمانيا بالصراع المسلح تحت قيادة هتلر، كان مدير متحف اللوفر قد بدأ بعملية الإخلاء التي استهدفت أشهر الأعمال الفنية في العالم. وتم اختيار أماكن غير متوقعة تُحيط بالريف الفرنسي لتكون نائية عن الأهداف الاستراتيجية.
وكان من المستحيل توقع إخلاء 4000 قطعة فنية من المتحف سرًا، إذ كان بعضهم يزن أطنانًا إضافة إلى أهمية الحرص على الحفاظ على الأقمشة من التمزيق. ولم يتم التنفيذ بين عشية وضحاها، بل احتاج الأمر سنوات لنقل المجموعة الفنية إلى كافة أنحاء فرنسا بما فيهم لوحة الموناليزا.
يوجد متحفا لوفر عبر العالم
بجانب متحف اللوفر الواقع بالعاصمة الفرنسية باريس، يوجد متحف لوفر ثاني في مكان آخر بالعالم. إذ في عام 2017 تم الانتهاء من تأسيس متحف اللوفر الرسمي الثاني في مدينة أبو ظبي بالإمارات العربية المتحددة، وصممه المهندس الفرنسي جان نوفيل.
وتم افتتاح لوفر أبو ظبي بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونائب رئيس الإمارات العربية المتحدة ورئيس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم. ليكون ثاني أكبر المتاحف الفنية في شبه الجزيرة العربية، والذي تم بناؤه في جزيرة السعديات.
وبلغت تكلفة هذا المتحف ما يزيد عن 600 مليون يورو حتى تتمكن أبو ظبي من إتمام بنائه. وهو أحد أجزاء الاتفاقية بين مدينة أبو ظبي وفرنسا والتي تمتد على 30 عامًا.
حاليا، يستقبل متحف اللوفر الثاني قرابة مليون زائر كل عام من مختلف أنحاء العالم. هذا لاشتماله على مجموعة من التحف الفنية المعاصرة والمنحوتات واللوحات، إضافةً إلى مطاعم ومقاهي ومتاجر بيع الهدايا.