اختتمت أول أمس الأحد المنافسات الكروية الإفريقية بين الأندية. وتوجت الأهلي المصري بلقبه الحادي عشر عبر تاريخ المنافسة الأغلى في إفريقيا، دوري أبطال إفريقيا. إذ حصد المصريون اللقب على حساب الوداد الرياضي المغربي. وذلك بعد ما تفوقوا في مجموع مباراتي الذهاب والإياب بثلاثة أهداف مقابل هدفين.
هي فرصة من أجل العودة إلى الوراء خطوات. وتحليل ما استجد في مشهد إفريقي متعثر والذي لا يزال يحتاج ورش تطويره إلى الكثير والمزيد من العمل على مجموعة من المستويات المختلفة.
بين النهائي على أرض محايدة والمستوى التقني
اضطر مسؤولو كرة القدم في إفريقيا إلى العودة ابتداء من الموسم المنتهي أول أمس إلى نظام الذهاب والإياب في نهائيات المنافسات الإفريقية للأندية بعد تجربة دامت ثلاث سنوات. لعبت فيها ست نهائيات بين دوري الأبطال وكأس الكونفدرالية.
وإن كان صحيحا أن إفريقيا تجد الكثير من المشاكل اللوجستيكية والإدارية وغيرها من أجل تعيين محتضن للمباريات النهائية – كيف لا والتخبطات ترافق أيضا تعيين منظمي المنافسة الأكبر كأس إفريقيا للأمم بين تغيير للمواعيد وعدم قدرة دول على الإيفاء بوعودها – فإن النهائي الذي أجري على مرحلتين في ستاد القاهرة الدولي ثم مركب محمد الخامس أثبت من جديد أن نظام الذهاب والإياب يُفقد النهائي قيمته التقنية. خاصة وأن الكاف لا زالت تعتمد قاعدة الهدف خارج الميدان. وحبذا لو أزيلت القاعدة هاته على الأقل في المباريات الختامية.
ولم يكن تزامن المشهد الختامي لدوري أبطال إفريقيا مع نظيره الأوروبي في نهاية الأسبوع نفسها، إلا أن يزيد من إيضاح المفارقات بين النظامين. ففي إسطنبول تبخرت الفوارق التقنية بين المرشح والطامح لخلق المفاجأة. أما بين القاهرة والدار البيضاء فكان كل شيء يتعلق بأهمية عامل الأرض والجمهور. هذا الأخير لعب كعادته دورا هاما في تحديد نمط المباراتين وطرائق تعامل الطواقم التقنية معها. ولم يختلف المشهد عن مباراة نصف نهاية أو ربع نهاية.
فكان هم الوداديين الوحيد أن يعودوا بالهدف المفتاح من القاهرة يقربون به لقبا إفريقيا رابعا بدا قريبا. فيما كان تتويج الأهلي مرهونا بتجاوزه لأجواء ملعب دونور الذي قهر فيه مرتين في آخر خمس سنوات.
إلى متى تتواصل الهيمنة العربية على المنافسات الإفريقية؟
من جهة أخرى، توج العرب بلقب دوري أبطال إفريقيا في آخر سبعة نسخ. فيما كان لقب كأس الكونفدرالية الإفريقية من نصيب العرب في آخر ست سنوات، مما يجسد هيمنة عربية استثنائية. ويجب العودة إلى سنة 2009 من أجل أن نجد نهائيا لدوري أبطال إفريقيا لم يكن فيه أحد طرفيه على الأقل عربيا. وهو ذلك الذي جمع تي بي مازيمبي بهارتلاند النيجيري.
وبغض النظر عن انتماءاتنا وتفضيلاتنا. فإن مستقبل كرة إفريقية مزدهرة على مستوى الأندية لا يمكن أن يرتبط فقط بكرة شمال إفريقيا فقط. والتي يجب أن نعترف بأنها ليس الأجمل أو الأمتع عبر القارة. والمعتمدة بالأساس على الخبرة التكتيكية الأوروبية لمدربيها، العامل البدني ونوع من الخبث الكروي أصبح منتشرا إلى حد لا يطاق. فأصبحت أدغال إفريقيا التي كنا نهابها في الماضي أرحم من تكتيكاتنا وتأثيراتنا الخارجة عن الروح الرياضية.
وما تقدمه أيضا فرق ماميلودي صن داونز إضافة إلى ممثلي تانزانيا، سيمبا ويانغ أفريكانز، إضافة إلى فرق أنغولا من كرة هجومية، شجاعة ومميزة، إلا دليل على أن تقديم منتوج كروي متنوع متكامل ومختلف في القارة الإفريقية، يبدأ من الاستثمار في الكرة جنوب الصحراء. وذلك بهدف الحفاظ على المواهب الإفريقية، والاستفادة منها في مكانها قبل أن تسافر في رحلة البحث عن مستقبل مزدهر في أوروبا.ثم خلق تنافسية أكبر مع نظيرتها في الشمال على غرار ما يحدث على مستوى المنتخبات الوطنية.
هو الأمر الذي جعلنا أيضا نستبشر خيرا في الفلسفة الأولية التي جاء به مشروع السوبر ليغ الإفريقي. والتي تروم إلى تقسيم مناطق إفريقيا إلى ثلاث مجموعات من ثمانية فرق، خصصت منها مجموعة واحدة فقط لفرق شمال إفريقيا. وذلك قبل أن يتم تقزيمه وحصره على فرق دون أخرى في انتظار تطبيقه أو تعديله أو حتى تأجيله في مشهد ليس بغريب.