تتواصل تداعيات انهيار بنك كريدي سويس “Credit Suisse” على المستوى العالمي لتصل إلى السعودية. إذ تبخرت استثمارات سعودية تقدر ب 1.5 مليار دولار أمريكي كان قد استثمرها العام الماضي البنك الوطني السعودي SNB في البنك السويسري. وذلك بتوجيهات من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. حسب تقرير نشرته وول ستريت جورنال مطلع الأسبوع الحالي.
ولم يسبق من قبل أن حاولت الأبناك السعودية الاستثمار في المجال البنكي العالمي بشكل واسع. غير أن اقتراب أسعار النفط من 100 دولار للبرميل بداية الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها الإيجابية على صناديق الاستثمار، حفز هذه الأخيرة من أجل اتخاذ هذه الخطوة. والتي كانت بالأساس بهدف تنويع الاستثمارات وتطوير المحفظة الاستثمارية لصندوق الثروة السيادي السعودي. وذلك في محاولة لاستخدام القطاع المالي من أجل قيادة إصلاح شامل لاقتصاد المملكة السعودية. هذا الأخير، يعتمد بالأساس على القطاع الطاقي في الوقت الذي أصبح العالم يتجه إلى الطاقات المتجددة شيئا فشيئا.
وكان مسؤولون تنفيذيون في الصندوق السعودي قد حذروا من اتخاذ قرار الاستثمار في كريدي سويس. وذلك بسبب المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها القيام بخطوة مماثلة. خاصة أن الاستثمار جعل من البنك الوطني السعودي أكبر مساهم في البنك السويسري. إذ استحوذ على ما يقارب 10 في المئة من الأسهم.
وقال مسؤولون في البنك الوطني السعودي، مطلع الأسبوع الحالي، أن خسائر كريدي سويس لن يكون لها تأثير على سيرورة أعمال البنك. خاصة وأنها لا تمثل إلا نسبة صغيرة من استثماراته.
كريدي سويس كان دائما محط أنظار استثمارات خليجية
جاءت هذه الخسارات الاستثمارية لتذكرنا بتلك التي تكبدتها دول المنطقة. وذلك من خلال صندوق دول مجلس التعاون الخليجي وقت الأزمة العالمية سنتي 2007 و2008. حيث تبخرت استثمارات في الأبناك وصناديق التحوط الغربية، قدرت ب 100 مليار دولار أمريكي حسب تقرير لمجلس العلاقات الخارجية بنيويورك سنة 2009.
ويرتبط كريدي سويس بشكل كبير بالمستثمرين في منطقة الخليج. حيث بدأ رجال أعمال قطريين استثماراتهم في البنك مباشرة بعد الأزمة الاقتصادية سنة 2008. إذ تم ضخ ملايير الدولارات في الأسابيع التي عقبت انهيار ليمان برادرز الشهير. كما سبق لاستثمارات مماثلة أن فعلت ما بين 2011 و2013 عبر مختلف الأشكال.
وأثار انهيار بنك سيليكون فالي مخاوف المستثمرين في كريدي سويس الأسبوع الماضي. وما زاد من حدة هذه المخاوف إعلان البنك الوطني السعودي عدم نيته الرفع من حصته الحالية المقدرة في 9.9 في المائة. وذلك بسبب المتطلبات التنظيمية التي تصاحب الاستحواذ على أكثر من 10 في المائة من البنك.
وهو الأمر الذي دفع الحكومة السويسرية إلى تصميم عملية استحواذ لكريدي سويس من طرف “يو بي إس”. وحسب تقارير إعلامية أمريكية، فإن المسؤولين السعوديين لم يكن لهم علم بعملية الإنقاذ المنظمة من طرف الحكومة السويسرية واكتشفوا ذلك أيضا عبر وسائل الإعلام، مساء الجمعة الماضي.
وبلغت قيمة صفقة الاستحواذ 3 مليارات فرنك سويسري، ما يعادل 3.24 مليار دولار أمريكي، مستحقة الدفع على شكل أسهم. وذلك بقيمة 0.76 فرنك للسهم الواحد بعدما كانت فيمة سهم كريدي سويس الجمعة الماضي 1.86 فرنك سويسري. ووفق وزيرة المالية السويسرية كارين كيلر سوتر فإن “يو بي إس” سيحصل على ضمانة حكومية بنحو 9 مليارات فرنك للتصدي لأي مشاكل قد ينتج عنها هذا الاستحواذ.
وجدير بالذكر أن بنكي كريدي سويس و”يو بي إس” يصنفان من بين الأبناك الثلاثين الكبرى التي هي أكبر من أن يسمح بانهيارها. مما دفع السلطات السويسرية إلى سباق مع الزمن من أجل طمأنة الأسواق في محاولة لاستعادة الثقة في النظام البنكي العالمي إلى حين.