مثلما توجد فوبيا من الأماكن المزدحمة أو المغلقة، أو الخوف من المرتفعات أو الجراثيم، أو حتى أنواع معينة من الحيوانات. يوجد أيضًا رهاب الحب والخوف من الارتباط العاطفي، ما يجعل “مشاعر الغرام” عدوا لدودا لدى المصابين بما يعرف باسم الفيلوفوبيا.
في هذا المقال سنتعرف على رهاب الحب، أسبابه، أعراضه وطرق العلاج منه. فتابع معنا عزيزي القارئ، الأسطر القليلة القادمة.
قبل التعرف على الفيلوفوبيا، لابد من التطرق إلى معنى كلمة “فوبيا“. فهي كلمة لاتينية، تعني الخوف أو الرهاب، وتسمى أيضا بعصاب المخاوف.
والفوبيا مرض نفسي، يكون فيه المريض مدركا تماما أن خوفه ليس له أي مبرر منطقي. ومع ذلك يكون عاجزا عن التخلص منه بمفرده.
وتتعدد أنواع الفوبيا بين الواضحة والمخفية، التي قد لا تتوقع أنك مصاب بها.
الفيلوفوبيا … رهاب الحب
الفيلوفوبيا هو مصطلح مركب من كلمتين، “filos” وتعني بالإغريقية الحب، أما “فوبيا” كما سلف الذكر، فهي تعني الخوف.
وبالتالي فهذا النوع من الفوبيا، يجعل المصاب به يبتعد عن شريكه، ويتجنب الوقوع في شباك الحب. إضافة إلى تهربه من أية التزامات عاطفية، الشيء الذي سيؤثر سلبا على حياة المريض بأكملها.
أعراض الفيلوفوبيا بين الجسدية والنفسية
تختلف أعراض المرض من شخص إلى آخر، حيث تنقسم بين أعراض جسدية وأخرى نفسية، ولكن يمكن تلخيص الأعراض الشائعة في ما يلي:
- القلق الشديد والذعر إزاء الوقوع في الحب، أو إقامة علاقة أو حتى التعلق بأحدهم.
- قمع شرارة الحب والعواطف داخل الطرف لآخر.
- عدم تفكير المريض في الزواج.
- تفادي أماكن العشاق كالحدائق والمنتزهات ودور السينما والشواطئ.
- التهرب المستمر وتحبيذ العزلة عن العالم.
- وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى البكاء.
تنضاف إلى قائمة أعراض مرض الفيلوفوبيا، أعراض جسدية والتي بدورها تختلف شدتها من مريض إلى آخر، من بين هذه الأعراض نذكر ما يلي:
- تسارع ضربات القلب.
- التعرق الشديد والدائم.
- الشعور بالغثيان وحدوث اضطرابات في المعدة.
- مشاكل في التنفس.
- وعند مواجهة المصاب لموقف عاطفي أو رومانسي قد يصل به الأمر إلى الإغماء.
هذه الأعراض دليل قاطع على الإصابة بفوبيا الوقوع في الحب. فإذا ظهرت عليك فاعلم أنك مصاب برهاب الحب.
أسباب الإصابة بالفيلوفوبيا … بين تجارب سابقة واضطرابات نفسية
وتتعدد أسباب الإصابة بالفيلوفوبيا وتطورها، والتي تتجلى في ما يلي:
- تجربة من الطفولة: فأكثر الأشخاص عرضة للإصابة بالفيلوفوبيا هم من تعرضوا لأذية نفسية في الماضي. على سبيل المثال إذا تم التخلي عن الشخص وهو طفل، أو إذا كانت العلاقة بين أبويه مضطربة دائما.
- حادثة أو صدمة: يعد عامل الصدمة من بين أسباب الإصابة أيضا، والتي قد تكون ناجمة عن علاقة فاشلة، خرج منها المريض بقلب مكسور. هذه التجربة الفاشلة تجعله يتجنب أي شخص يحاول التقرب منه، قد تصل إلى حد القمع كما تمت الإشارة إليه سابقا. وذلك خوفا من تكرار نفس السيناريو.
- عامل الوراثة: قد يصاب الشخص برهاب الوقوع في الحب، بسبب حالة وراثية. إذ يولد بعض الأشخاص بميل إلى أن يكونوا أكثر قلقا تجاه أمور معينة في الارتباط. ومن المحتمل أن تسوء حالتهم، نظرا للتغيرات في وظائف الدماغ.
- اضطراب القلق: يكون هذا العامل سببا رئيسيا في شعور بعض الأشخاص بأنهم لا يستحقون الحب. وكونهم يستحقون العيش في عزلة عن الناس، ولن يحبهم أحد. وربما يكون هذا ناتجا عن قلة الثقة في النفس. فهذه الإعتقادات تجعل المصاب يلغي فكرة الزواج من قاموسه. ناهيك عن الأفكار السلبية عن الحب والارتباط. وذلك راجع بالأساس إلى الخوف من هذا الثلاثي “الرفض، الانفصال والطلاق”.
التفكير في الانتحار من مضاعفات الفيلوفوبيا
تؤثر الفيلوفوبيا “رهاب الحب” على الحياة اليومية للمصاب بشكل سلبي. فإذا لم يتم علاجها، فإنها حتما ستتطور إلى أن تسبب مجموعة من المضاعفات، البعض منها خطيرة. وتتمثل في ما يلي:
- العزلة عن العالم الخارجي.
- عدم القدرة على إقامة علاقات طويلة الأمد.
- الشعور بالقلق الدائم.
- الدخول في اكتئابات متكررة.
- التعاطي للكحول والمخدرات.
- قد يصل الأمر في بعض الحالات إلى التفكير في الانتحار.
طرق العلاج من الفيلوفوبيا
تختلف طرق العلاج من رهاب الحب حسب شدة المرض. وتتجلى وفقا لتقرير مجلة “ويكي فوبيا” في ما يلي:
1ـ العلاج السلوكي المعرفي
يعتبر العلاج السلوكي المعرفي “CBT”، أحد أفضل الطرق للتداوي من أمراض الفوبيا بصفة عامة. ويتم هذا العلاج اعتمادا على عدة جلسات محادثة مع المريض. ففي حالة الفيلوفوبيا، يقوم الطبيب في جلساته بتحديد الأفكار الخاطئة عند المريض، وأيضا تحديد الأسباب التي جعلته ضحية لرهاب الحب.
كما تهدف هذه الجلسات إلى مساعدة المريض على تغيير طريقة تفكيره ونظرته للأمور. ناهيك عن مساعدته على ترك الأفكار السلبية وتغييرها بالإيجابية. إضافة إلى زيادة التسامح مع الذات، وبالتالي تشجيع المريض على الحب والعلاقات العاطفية.
2ـ تمرينات الاسترخاء
للعلاج من رهاب الحب يصف الطبيب للمريض مجموعة من التمرينات، وكفية التنفس بعمق. والتي من شأنها أن تساعد المريض على الاسترخاء والهدوء، فضلا عن التحكم والسيطرة على أعراض المرض.
3ـ العلاج بالصدمة
يتم هذا العلاج عن طريق عرض المعالج لمشاهد وأفلام رومانسية للمريض، وذلك بغرض دراسة ردة فعل المريض وكيفية تفاعله معها. للوصول في نهاية المطاف إلى طريقة لمساعدة المريض بهدف الحد من القلق ومواجهة خوفه جراء الارتباط.
4ـ العلاج بالأدوية
في الحالات الشديدة والمتقدمة من المرض، يتم اللجوء إلى العقاقير والأدوية، وذلك للتحكم في أفكار المريض تجاه مشاعر الحب والغرام، وعادة ما تكون هذه العقاقير مضادة للاكتئاب.
