بعد أن كانت التمائم كالعين الزرقاء أو كف فاطمة، المعروفة في الثقافة المغربية بـ “الخميسة”، في الأزمنة الماضية، رمزا للحماية من العين الشريرة وصدها. ها هي الآن تجد مكانها في عوالم الموضة العالمية، بعد أن جعلت منها مختلف الماركات العالمية إلهاما وعنصرا من العناصر الأساسية في تصميمات مجوهراتهم.
فرغم ما يشهده العالم من تقدم وتطور في ميادين مختلفة، إلا أن التميمة بكل أشكالها لازالت منتشرة في مختلف البلدان العربية.
حضارات قديمة عرفت بالخرزة الزرقاء
عين حورس
تختلف الروايات حول تاريخ الخرزة الزرقاء، بين من رجح أن أصولها تعود لآلاف السنين الغابرة، وأنها متوارثة من الحضارة المصرية القديمة. حيث كان المصريون القدامى يستخدمونها آنذاك لردء الحسد، وحماية أنفسهم من الأمراض وكذا الحيوانات الضارة.
هذه الخرزة الزرقاء تسمى في الثقافة المصرية “بعين حورس”، توضع على صدر مومياء الفرعون لتحميه في القبر.
رمز لتهديد الرومان
وفقا لتقرير لمجلة “ثقافة أونلاين” فقد ارتبطت العين الزرقاء أيضا بالثقافة الرومانية، حيث تفيد بعض الروايات إلى أن الشعوب التي سكنت أطراف البحر الأبيض المتوسط رسمت الكف ذو العين الزرقاء. إلى ذلك أيضا، أضاف التقرير أن العين الزرقاء، كانت تستخدم بهدف تهديد الرومان، الذين استعمروا بلدانهم.
إذ كانت بمثابة تعبير صريح عن رفضهم للمستعمر وحكمه، من خلال رفع الرمز في عصي أو إلصاقه على أبواب منازلهم، ليصبح بعد ذلك رمزا للحماية من الشرور.
رمز لآلهة القمر
من ناحية أخرى، هناك أقاويل تفيد أن أصل العين الزرقاء يعود للحضارة الفينيقية، نظرا لأن علماء الآثار يرون أن منشأ تلك الاعتقادات تعود بجذورها للفنيقين. حيث كانوا يقدسون “تانيت” آلهة القمر بذلك الرمز، باعتبار أن الدائرة وسط العين أو الكف يرمز للقمر.
وعند احتلالهم لبلاد المغرب، تأثرت الحياة الاجتماعية للمغاربة، حتى صارت “الخميسة” جزء من ثقافتهم وتقاليدهم. يضعونها على أبواب المنازل، ويهدونها للمولود الجديد لحمايته من عين الحسد، لتحصنه من الشرور وتجلب له الحظ، حتى صارت ضمن حلي النساء والأطفال.
أم سبع عيون
تعود ثقافة “أم سبع عيون” للزمن البابلي. حيث كان البابليون القدامى يعتقدون، أن الحسد ينبعث من عين الحاسد على شكل شعاع. هذا الأخير يتشتت وينقسم إلى سبعة أقسام، ليفقد قوته عند تشتته. على هذا الأساس قام البابليون بتعليق هذه التعويذة المسماة “أم سبع عيون”، حتى تفقد عين الحاسد قوتها وضررها، وبالتالي يتشتت الحسد.
إلى ماذا ترمز ألوان العين الزرقاء وكيف يتشبث الأتراك بها؟
لا يقتصر لون الخرزة على الأزرق فقط، إذ يمكن أن نجدها بألوان مختلفة كالأحمر والأخضر. وبالرجوع للون الأزرق، يقول البعض إنه يرمز إلى الحماية الروحية. في حين يرمز اللون الأحمر، إلى النشاط والحركة والحياة، أما الأخضر فهو مرتبط بالطبيعة وخيراتها.
ويعد الشعب التركي من بين الشعوب المتعددة التي عرفت بالخرزة الزرقاء. إذ يستخدمونها في كل تفاصيل حياتهم.
ويعرف طقس الحماية من عين الحسد في تركيا باسم “نزار بونكوك”، حيث لا يزال يعتقد جانب من الشعب التركي إلى يومنا هذا أن العين الزرقاء، كافية لردء الطاقة السلبية والعين الحاسدة والنحس. حتى صار من العادي مشاهدة العين، معلقة على أبواب المنازل والمكاتب وحتى الأشجار.
إلى جانب مجموعة من القيم الثقافية والتراثية، على رأسها ثقافة القهوة التركية والمصارعة الزيتية التركية وغيرها من القيم الثقافية والتراثية. تمكنت تركيا عام 2014، من إدراج ثقافة الخرزة الزرقاء إلى قائمة اليونيسكو.
العين الزرقاء موضة كل العصور التي اخترقت عالم المشاهير
إضافة إلى الاعتقاد السائد كونها مانعة للعين والحسد. تعد جوهرة العين الزرقاء موضة متجددة على مر السنين، بعد أن اقتحمت عوالم الموضة وانتشرت بقوة بمختلف محلات الإكسسوارات. والتي تتناسب مع مختلف الأعمار والجنسيات.
كما تنوعت أشكالها وألوانها، فتزينت العين بألوان أخرى غير الأزرق التقليدي، بين البني والرمادي وكذا الأخضر والأبيض. ولم تقتصر هذه الجوهرة على القلادات فقط، بل تربعت على عرش المجوهرات عامة. حيث نجدها في الخواتم والأساور والأقراط، وحتى الساعات اليدوية.
وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي أصبح من السهل إنشاء توجه، سواء فيما يتعلق بالموضة والجمال والإكسسوارات. إذ يكفي مشاركة أحد المشاهير، صورة له على حسابه الرسمي بموضة جديدة، حتى يصبح محل إلهام للملايين من المعجبين حول العالم.
لم تقتصر العين الزرقاء فقط على النساء العربيات، بل اقتحمت موضة نجمات هوليود، حيث شوهدن وهن يرتدين إكسسوارات تحتوي على العين من قلادات وخواتم وأساور.
تعد عارضة الأزياء الأمريكية ذات الأصول الفلسطينية جيجي حديد من أبرز النجمات اللاتي ارتدين العين الزرقاء في إكسسواراتهن. إضافة إلى نجمة تلفزيون الواقع، الأمريكية كيم كاردشيان التي تعتبر من أوائل من ارتدين إكسسوارات العين. حيث ظهرت وهي تضع مجموعة من الأساور مزينة بجوهرة العين الزرقاء التي يعتبرها البعض جالبة للحظ.
إلى ذلك أيضا، شوهدت المغنية ريتا أورا صديقة كارداشيان، وهي تردي قلادة مزينة بعين ضخمة. دون أن ننسى عارضة الأزياء البريطانية ذات الأصول الإفريقية، نعومي كامبل التي ظهرت على السجادة الحمراء بفستان أسود قاتم اللون، واكتفت بارتداء قلادة مزدوجة تضم اثنين من العيون الزرقاء.
ولم تكن العين الزرقاء جزء من إكسسوارات نجمات هوليوود فقط. بل أيضا تزينت بها نجمات بوليوود، حيث شاركت نجمة شاشات بوليوود جانفي كابور، صورة لها على حسابها الرسمي على منصة “إنستغرام” وهي ترتدي قلادة بجوهرة العين، أثناء قضاء إجازتها في جزر المالديف. وظهرت كذلك نجلة الممثل الهندي سيف علي خان، سارة علي خان وهي ترتدي خاتما بعين زرقاء في يدها اليسرى.
