يعتبر إطلاق النار في لبنان من الطقوس الأساسية الواجب اعتمادها في كل مناسبة، وفي غالبية المناطق يُربى عليها الأفراد منذ الصغر كعادات وتقاليد. لا تخلو أي مناسبة فرح أو حزن من إطلاق النار العشوائي الذي حتماً يودي بحياة شخص ما أو يسقط جرحى في كل حدث، والأسوأ أنّ نسبة ليست بقليلة من مطلقي النار لا يملكون رخصة سلاح.
عرساً كان أم احتفالاً بنجاح في الشهادة المدرسية أو الجامعية أو احتفالات رأس السنة، عزاءً كان أم خلافاً بين اثنين أو حتى مجرد محاولة لإخافة أحدهم، يتم إطلاق الرصاص في كل مرة. من أجل أن يفرح شخص يموت شخص آخر ومن أجل تعظيم موت شخص، يصاب آخر ويتعذب.
الرصاص الطائش يهدد سلامة الطيران
وصل الأمر إلى تهديد سلامة الطيران حتى، نتيجة إطلاق الرصاص الكثيف والمتكرر من المناطق المجاورة حيث وصل آثاره إلى مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة بيروت. وكانت قوى الأمن الداخلي قد حذرت من هذا الأمر وقالت في بيان لها: “من الآثار الخطيرة لظاهرة إطلاق النار العشوائي، تساقط الرصاص الطائش على مدرجات مطار رفيق الحريري الدولي وفي أماكن هبوط وإقلاع الطائرات وبالقرب منها، وذلك انطلاقاً من المناطق المحيطة به، مما يؤدي إلى تهديد سلامة الطيران المدني وتعريض المسافرين والوافدين والطائرات والمنشآت الحيوية للخطر”.
وذكّرت المواطنين “بضرورة التقيد بعدم إطلاق النار في أي مناسبة كانت والإبلاغ كذلك عن أي مخالفة”.
ضحايا الرصاص الطائش
حسب الدولية للمعلومات، في آخر تقرير نشرته في العام 2021 بخصوص هذا الموضوع، فإنّ “ضحايا الرصاص الطائش 7 قتلى و15 جريحاً سنوياً”.
إذ ورد في التقرير “بالرغم من إقرار مجلس النواب القانون الرقم 71/2016 الذي يجرم إطلاق عيارات نارية في الهواء ويعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وتصل العقوبة إلى الأشغال الشاقة لمدة 10 سنوات ولا تتجاوز 15 سنة، وبغرامة من 20 إلى 25 ضعف الحد الأدنى للأجور (ما بين 13.5 مليون ليرة و16.8 مليون ليرة) في حال أدى إطلاق النار إلى الموت، فإن هذا القانون لم يشكل رادعا واستمرت هذه الظاهرة ليسقط نتيجتها المزيد من الضحايا.
ومن خلال وسائل الإعلام وتقارير قوى الأمن الداخلي خلال الأعوام 2010-2021 تمكنا من إحصاء سقوط 81 قتيلا و169 جريحاً، أي بمعدل سنوي 7 قتلى و15 جريحاََ”.
لا محاسبة للفاعل!
أوضح سمير وهو شاب لبناني في عمر الثلاثين عن تعرضه لإصابة في الكتف في أحد أحياء بيروت نتيجة رصاصة طائشة أصابته خلال الاحتفال بعرس أحد الأشخاص وسط الطريق. وقال: “كنت في الاساس موجوداً في الطريق قبل بدء الاحتفال بزفة العريسين، وعندما بدأ الاحتفال بقيت واقفاً بالقرب منه مع أصدقائي. كان هناك الكثير من المفرقعات ثم بدأ فجأة إطلاق النار. لم أتحرك حينها فنحن معتادون على هذه الأجواء في كل مناسبة، وأنا لم أكن بهذا القرب من مكان الاحتفال ولم أكن بعيداً كذلك، يعني الرؤية كانت واضحة بالنسبة إلي”.
وتابع: “من دون سابق انذار، شعرت بحرارة عالية في كتفي الأيسر ولم أع على شيء سوى أنني بدأت أنزف بشدة وأصدقائي من حولي يصرخون. أدركت حينها أنني أصبت، من كثرة صراخ الناس من حولي أدرك مطلقو النار أنّه تم إصابة أحد الأشخاص برصاصة طائشة لكن رغم ذلك لم يوقفوا”.
شرح أيضاً عن نقله إلى المستشفى حينها لمعالجة الاصابة “لم يتكفل أحد بعلاجي، قدمت شكوى لكن سدى فلم يتم رصد مطلق النار بشخصه بسبب كثافة العدد حينها، ولم يصدر أي جديد بخصوص دعوتي وقد مر عليها سنتان وأعتقد أن القضية ضاعت ولن يتم تعويضي أو محاسبة الفاعل”.
عقوبة مطلق النار
بالنسبة إلي جريمة إطلاق النار والأسهم النارية في الأماكن الآهلة، حسب الموقع الرسمي للجيش اللبناني، فإنّ “كل من يقدم على إطلاق النار في الأماكن الآهلة أو في حشد من الناس، من سلاح مرخص أو غير مرخّص، يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وبغرامة من ثمانية أضعاف إلى عشرة أضعاف الأدنى الرسمي للأجور، ويصادر السلاح في جميع الأحوال، ويُحال المرتكب إلى المحكمة العسكرية لمحاكمته (مادة 75 و79 من قانون الأسلحة والذخائر).
وكل من أقدم على إطلاق أسهم نارية في الأماكن الآهلة بصورة يحتمل معها وقوع خطر على الأشخاص أو الأشياء، يعاقب بالحبس حتى ستة أشهر، وبالغرامة من مئة ألف إلى مليون ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتصادر الأسلحة والأسهم المضبوطة (م 752 عقوبات)”.
وأخيراً، تتحقق جرائم إطلاق النار والمفرقعات التي تؤدي إلى الإيذاء عندما يقع الإيذاء نتيجة إطلاق النار والمفرقعات النارية عن إهمال، أو قلة احتراز، أو مخالفة القوانين، أو الأنظمة؛ أي من دون توافر النيّة الجرمية للإضرار بالضحية. والإيذاء غير المقصود قد يكون بسيطًا أو مُشدَّدًا.
- الإيذاء غير المقصود البسيط: إذا أدى إطلاق عيارات نارية في الهواء من سلاح حربي إلى مرض أو تعطيل شخص عن العمل مدة تقل عن عشرة أيام، عوقب المجرم بالحبس من تسعة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من عشرة أضعاف إلى خمسة عشر ضعف الحدّ الأدنى الرسمي للأجور، وفق قانون تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء رقم 71/2016. ويعاقب على كل إيذاء آخر غير مقصود بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بغرامة لا تتجاوز المئتي ألف ليرة (م 565/2 عقوبات). ويزاد على هذه العقوبات نصفها إذا اقترف المجرم أحد الأفعال التي تؤدي الى التسبّب بحادث ولو مادي ولم يقف من فوره أو لم يعن بالمجني عليه أو حاول التملص من التبعة بالهرب (المادة 566/2 عقوبات).
- الإيذاء غير المقصود المُشدَّد: إذا تجاوز المرض أو التعطيل عن العمل عشرة أيام قضي بعقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات فضلًا عن الغرامة السابق ذكرها. وإذا أدى الفعل المذكور إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف، أو إلى تعطيل أحدهما أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة، عوقب المجرم بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر وبغرامة من خمسة عشر ضعفًا إلى عشرين ضعف الحدّ الأدنى الرسمي للأجور وفق قانون تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء رقم 71/2016.
ووفق قانون العقوبات، يعاقب على الإيذاء غير المقصود بالحبس من شهرين إلى سنة، إذا نجم عن خطأ المجرم إيذاء في الحالات الآتية:
– إذا جاوز المرض أو التعطيل عن العمل عشرين يومًا.
– إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف، أو إلى تعطيل أحدهما أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أي عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة.
– التسبب في إجهاض امرأة حامل (م 565/556/557/558 عقوبات).
- الملاحقة وأثر شكوى المتضرر وتنازله عنها في جرائم الإيذاء غير المقصود:
إذا أدّى الإيذاء إلى مرض أو تعطيل عن العمل لمدة لا تزيد عن عشرة أيام، تُعلَّق الملاحقة، كما أن تنازل الشاكي عن شكواه في هذه الحالة يسقط الحق العام (م 565/554 عقوبات).
أمّا إذا أدّى الإيذاء إلى مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تزيد عن عشرة أيام، فإنّ تحريك دعوى الحق العام الجزائية يعود إلى النيابة العامة من دون انتظار شكوى المتضرر. وتنازل الشاكي عن شكواه يزيل الدعوى المدنية، من دون أن يسقط دعوى الحق العام. يعتبر إسقاط الحق الشخصي عذرًا قانونيًا مخففًا يؤدّي إلى تخفيض العقوبة إلى النصف (م 565/555 عقوبات).
وعندما يؤدّي إطلاق النار أو المفرقعات النارية، عن إهمال، أو قلة احتراز، أو مخالفة القوانين، أو الأنظمة، إلى وفاة شخص أو أكثر؛ من دون توافر النية الجرمية لقتل الضحية، يعتبر جرم التسبب بالموت نتيجة عمل غير مقصود. ويعاقب الجاني بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدّة لا تقل عن عشر سنوات ولا تتجاوز خمس عشرة سنة، وبغرامة من عشرين إلى خمسة وعشرين ضعف الحدّ الأدنى للأجور، وفق قانون تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء (71/2016)”.