اكتسحت ظاهرة التنمر الوسط المدرسي في الآونة الأخيرة، حيث يتعرض الكثير من التلاميذ للسخرية، سواء من شكلهم أو مظهرهم الخارجي أو مستواهم الدراسي. ومنهم من يتعرضون للسخرية من زملائهم في المدرسة حتى بسبب إعاقاتهم المرضية أو الخلقية.
هذا السلوك العدواني قد ينعكس سلبا على الطفل المُتنمر عليه، ويجعله أكثر عرضة للإكتئاب والعزلة. ناهيك عن تأثير ذلك على مستواه الدراسي، والأكثر من ذلك التفكير في الهروب من المدرسة.
التنمر المدرسي ظاهرة عدوانية جسدية أو لفظية أو هما معا، يتعرض فيها الطفل لمحاولات متكررة من الضرب والهجوم اللفظي أو الجسدي، من طرف طفل آخر أو مجموعة أطفال.
وتحدث هذه الظاهرة عادة بين طالب” قوي”، يهاجم طالبا أضعف منه بدنيا. وذلك لإثبات القوة أو الإستهزاء منه. هذا الهجوم تترتب عنه العديد من الآثار النفسية السلبية طويلة الأمد على الحياة الاجتماعية للطفل.
أسباب ودوافع التنمر المدرسي
قبل الحديث عن أسباب التنمر في الوسط المدرسي، من الضروري تسليط الضوء على موضوع في غاية الأهمية. وهو أن الطفل المُتنمِر عادة ما يسلك طريق التنمر لتحقيق عدة أمور، من بينها:
- لفت انتباه الآخرين له.
- محاولة الظهور كشخص قوي.
- الرغبة في القيادة وحب السيطرة على الآخرين.
- حب الذات والأنانية.
أما في ما يخص الأسباب، فهناك العديد من العوامل التي يتمخض عنها التنمر المدرسي ومنها:
المحيط العائلي
إذ للأسرة دور أساسي في انتشار ظاهرة التنمر في الوسط المدرسي. وذلك لأن الطفل يتأثر بمحيطه، على غرار الخلافات الأسرية والمنزلية… بالإضافة إلى أسلوب التربية الخاطئ، وذلك باستخدام الآباء لأسلوب الضرب والعقاب، ما يجعل الطفل عدوانيا ومتنمرا.
النظام الدراسي الخاطئ
للمدرسة يد في انتشار هذه الظاهرة بين صفوف التلاميذ. ذلك باقتصارها على تعليمهم للمناهج المدرسية، مقابل إهمالها لتوجيه التلميذ، وارشاده لأهمية احترام زملائه، وتقدير الأستاذ.
إضافة إلى ذلك، إهمال المدرسة في حالات عديدة لتنمية مهارات التلميذ الرياضية والفنية والإجتماعية. الشيء الذي يتمخض عنه ظهور فئة المتنمرين بين أسوارها. ولأن هذه الفئة لا تجد أي وسيلة للتنفيس عن نفسها وطاقتها السلبية، تسلك طريق إلحاق الضرر والأذى بالغير.
الثورة التكنولوجية
تنضاف لقائمة الأسباب الثورة التكنولوجية، ذلك لأن الأفلام والألعاب الإلكترونية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، شجعت بشكل ما على العنف وروجت له، حتى أضحى الأطفال يعتبرونه وسيلة للسيطرة على الآخرين.
وهو الشيء الذي يجعل هؤلاء الأطفال، يحاولون بشكل أو آخر تقمص شخصيات، ليطبقوا ما يشاهدونه في الأفلام على زملائهم في المدرسة.
المتنمر كان ضحية تنمر
يعد هذا السبب من العوامل المساهمة أيضا في انتشار هذه الظاهرة في الوسط المدرسي. فغالبية الأطفال ينضمون لفئة المتنمرين بالمدرسة، لإثبات وجودهم وقوة شخصيتهم، بعدما أن كانوا ضحايا تنمر لفترة طويلة، وتراكم لديهم الشعور بالغضب وعدم القيمة.
أنواع التنمر في الوسط المدرسي
يأخذ التنمر المدرسي أشكالا مختلفة نذكر من بينها:
- التنمر الجسدي: يعد هذا النوع من التنمر رائجا بين أسوار المدارس، ويضم السلوكيات التالية: “الضرب، سحب الشعر، الصفع، المعاكسات، اللكم والدفع، النكز، التهديد…”.
- التنمر اللفظي: يستخدم هذا النوع من التنمر، في الغالب، من قبل الأطفال الذين لا يمتلكون أي قوة بدنية. ويتضمن السلوكيات التالية: “السخرية وإطلاق أسماء مثيرة للضحك، التنابز بالألقاب، الشتيمة، المزاح الثقيل، استخدام ألفاظ عنصرية”.
- التنمر الالكتروني: يعتبر التنمر الالكتروني من أخطر أنواع التنمر. حيث يتخذ الطفل المتنمر من العالم الرقمي وسيلة لإلحاق الضرر والأذى بضحيته. وذلك بواسطة البريد الإلكتروني، أو الرسائل النصية، أو من خلال تدوينات ومنشورات على منصات التواصل الاجتماعي. وليس من السهل معرفة هوية الشخص المتنمر، حيث يمكنه بسهولة إنشاء حساب ينتحل فيه شخصية مزيفة.
خطر التنمر على الصحة العقلية والنفسية للأطفال
لا يمككنا الحديث عن التنمر المدرسي، دون التطرق لأضراره الوخيمة. فالطفل الضحية يعد عرضة لمشاكل نفسية خطيرة، يترتب عليها مستقبليا عواقب كبيرة.
هذه الخطورة تتمثل في صعوبة تكوين ضحايا التنمر، لصداقات حقيقية مستقبلا. كما يقل احتمال العيش مع شريك لمدة طويلة، ما يترتب عنه كثرت حالات الطلاق بين الضحايا.
وفي السياق ذاته، وحسب تقرير لمجلة هارفارد للطب النفسي، فإن المرأة التي تعرضت للتنمر في طفولتها، تزيد احتمالية إصابتها باضطراب الهلع في سن الشباب، بمقدار 27 مرة. أما بالنسبة للرجال، فقد أدى التنمر في مرحلة الطفولة، إلى زيادة قدرها 18 ضعفا في التفكير بالانتحار.
كيف تعرف أن طفلك يتعرض للتنمر؟
هناك بعض العلامات التي تنذر وتنبئ بتعرض طفلك للتنمر، منها:
- تراجع التحصيل الدراسي.
- الصمت المبالغ فيه والعزلة عن الأسرة.
- القلق وعدم الراحة والنوم المتقطع ليلًا، وقد يتبول الطفل تبولا لا إراديا أثناء نومه.
- تخريب وقيام الطفل بتكسير ألعابه المفضلة.
- عدم مشاركته فى أي أنشطة منزلية أو مدرسية.
- في حالة تعرضه للتنمر الجسدي، بروز كدمات وجروح غير مبررةعلى جسده.
- تمزق ملابسه وكتبه المدرسية وحقيبته.
- طلبه للمال زيادة عن العادة.
- ظهور علامات الخوف من الذهاب إلى المدرسة.
ومن العلامات الأخرى الدالة على تعرض طفلك للتنمر المدرسي، ظهور أعراض الاكتئاب عليه، مثل:
- فقدان الشهية.
- عدم التركيز.
- الأرق.
- التعب.
- الأحلام المزعجة.
- فقدان الثقة بالذات.
- التفكير أو محاولة الانتحار.
خطوات قد تنقذ الطفل من مخالب التنمر
لحسن الحظ هناك العديد من الطرق لإنقاذ طفلك من مخالب المتنمرين ومنها ما يلي:
- إحاطة ابنك بمجموعة من الأصدقاء للاطمئنان والشعور بالثقة، خاصة وأن المتنمر يختار ضحاياه المنعزلين.
- تعزيز ثقة الطفل بنفسه.
- ضرورة زيارة إدارة المدرسة بشكل دائم.
- التقرب من الطفل والاستماع لمخاوفه.
- إظهار التعاطف مع الطفل.
- تعليم الطفل طرق التعامل مع من يتنمر عليه.