أكد محللون اقتصاديون في نومورا من خلال مذكرة بحثية حللت أحدث البيانات الاقتصادية في الصين تراجعا اقتصاديا واضحا. ويعتقد أن ذلك سيؤثر على توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي والتي قدرت في 5.5% و4.4% لعامي 2023 و2024 على التوالي.
وأوضح المكتب الوطني للإحصاء NBS يوم أمس الخميس، على أن الناتج الصناعي في الصين نما بنسبة 3.5% في شهر ماي الماضي متباطئاً مقارنة بنسبة 5.6% المسجلة في أبريل. وأقل بقليل من الزيادة المتوقعة والتي حددت في 3.6%. وذلك جراء معاناة المصنعين من ضعف الطلب في الداخل والخارج.
وفيما يخص مبيعات التجزئة التي تعتبرا مقياسا رئيسيا لثقة المستهلك، فقد ارتفعت بنسبة 12.7% متجاوزة التوقعات، لكنها تباطأت مقارنة بنسبة 18.4% المسجلة في شهر أبريل. وأظهرت بيانات لنفس المكتب أن معدل البطالة لم يتغير عن الرقم المسجل في شهر أبريل، إذ بلغ أيضا 5.2% في شهر ماي الماضي.
وكان البنك المركزي الصيني قد قرر خفض سعر الفائدة على الإقراض متوسط الأجل لمدة تقدر بعام واحد فقط. وهو أول تخفيف من نوعه في 10 الأشهر الماضية، مما قد يدل على خفض أسعار الفائدة الرئيسية للقروض الأسبوع المقبل.
كما سجل اليوان الصيني أدنى مستوياته في الستة الأشهر الماضية بعد خفض سعر الفائدة. لكن، ورغم ذلك، تلقت الأسهم الصينية دفعة إيجابية تراوحت بين 0.6 في المئة و1.2 في المئة، مع إقفال تداولات يوم الأربعاء الماضي.
التحديات الراهنة للاقتصاد الصيني
خلال الربع الأول من العام الجاري، نما الاقتصاد الصيني بوتيرة أسرع من المتوقع. وهذا كان راجعا بالأساس للاستهلاك القوي في قطاع الخدمات، لكن، ورغم ذلك، شهدت المصانع تباطؤا واضحا في نمو الإنتاج.
كما تعثر الاقتصاد الصيني كثيرا، خلال شهر مارس الماضي، بعد ما خالفت أرقام نمو الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة التوقعات. مما قد يجعل بكين تحتاج إلى بذل مزيد من الجهد لدعم الانتعاشة الهشة التي تلت الوباء.
وأكد تشيوي تشانغ، رئيس Pinpoint Asset Management، على أن الزخم الاقتصادي في الصين يضعف. ويؤكد المحللون الاقتصاديون على ضرورة العثور على حل سريع من أجل حل مشكلة الصين الاقتصادية. مضيفين أن الدولة تعيش مخاطر انكماشية كبيرة، وديون حكومية محلية متزايدة، بطالة قياسية للشباب، وضعف للطلب العالمي.
وقال بروس بانج كبير الاقتصاديين في Jones Lang LaSalle، ان إدخال تحفيزات إضافية مع تسهيل السياسة الاقتصادية على نطاق واسع، سيكون الخطوة الأولى. لكن دعم الانتعاش الاقتصادي المتباطئ واستعادة معدل نمو محتمل أعلى يزيد عن 6% قد يحتاج إلى سياسة تمتد على عامين إلى ثلاثة أعوام.
وشهدت الصين في السنوات الأخيرة ازدهارا اقتصاديا كبيرا فاق التوقعات. وتزامنا مع تولي شي جين بينغ السلطة سنة 2013 تمكنت الصين من تجاوز اليابان لتصبح أكبر دولة قوية اقتصاديا في شرق آسيا وتنافس الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى العالمي.
كما نمت الصين بوتيرة سريعة في العقد الأخير معتمدة خاصة على التقدم التكنولوجي الذي جعلها تشكل تهديدا استراتيجيا للولايات المتحدة وحلفائها. وكان قد توقع العديد من الاقتصاديين أن تصبح الصين في المرتبة الأولى عالميا اقتصاديا بحلول سنة 2030.
وتزامنا مع استعداد الرئيس الصيني لعقده الثاني في السلطة، تشهد الصين تحديات اقتصادية متزايدة يوما بعد يوم. خاصة مع الضغط الذي تمارسه الطبقات الاجتماعية الوسطى غير السعيدة، مطالبة بإعادة شي جين الاقتصاد إلى مساره الصحيح، أو التنحي من المنصب وهو ما أصبح يشكل خطرا على استمراريته في منصبه.