نرى توجه عدد كبير من الناس، سواء مراهقين أو بالغين، إلى شرب مشروبات الطاقة. وكما هو واضح من اسمها أنّها مشروبات تمنح الطاقة عند تناولها، إلى جانب طعمها اللذيذ ورخص سعرها. وبتنا نرى استهلاكاََ كبيراََ من الناس لهذه المشروبات خصوصاً عند المراهقين، والتي بدورها تؤثر على الصحة كأي شيء آخر يتم الاكثار منه. لكن أضرارها قد تكون أكثر من غيرها من المشروبات بفعل مكوناتها ونسبة كل منها وسعة كل عبوة.
مكونات مشروبات الطاقة
- الكافيين: وهو المكون الأساسي لمشروبات الطاقة، إذ يعتبر منبهاََ طبيعيّاََ للدماغ وللجهاز العصبي. تحتوي معظم مشروبات الطاقة على حوالي 70 إلى 240 ملغرام من الكافيين.
- الجوارانا Guarana: هي مستخلص نباتي يعد مصدراً قوياً للكافيين، وقد يساعد في تخفيف آلام العضلات.
- الجينسنغ: هو مستخلص نباتي أيضاً، له تأثيرات إيجابية على وظائف المخ.
- فيتامينات (ب) المركبة: تساعد الجسم على امتصاص الطعام وتحويله إلى طاقة.
- مشتقات الأحماض الأمينية: مثل التورين، والثيانين، والتي تلعب دوراً مهماً في التحكم في العديد من عمليات التمثيل الغذائي بالجسم.
- السكر: هو المصدر الرئيسي للسعرات الحرارية في مشروب الطاقة. تتراوح السعرات الحرارية في مشروبات الطاقة من 110 إلى 220 سعراً حرارياً.
فوائد مشروبات الطاقة
عندما نذكر تناول مشروبات الطاقة يميل فكر الكثيرين إلى أضرار هذه المشروبات على الصحة أكثر من أن تكون لها فوائدها. لكن في الأساس يتوجه الناس إلى مشروبات الطاقة لاعتبار أنّ هناك فائدة خلفها، وهي زيادة اليقظة العقلية عن طريق تحسين وظائف المخ مع تقليل الإرهاق العقلي والذهني أيضاً، وباعتبارهم أنّ كل ما يحتوي على كافيين هو من المتيقظات مثل القهوة، والنسكافيه، والشاي، وغيره، فهناك دراسات تظهر أن شرب عبوة واحدة فقط بسعة 500 مل من أحد أسماء مشروبات الطاقة المعروفة، زاد من التركيز والذاكرة بنحو 24%.
أضرار مشروبات الطاقة
جميعنا يعرف أنّ التناول المتكرر أو الاستهلاك المفرط لمشروبات الطاقة يؤثر سلباً على الصحة. إذ أشارت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية إلى وجود تأثيرات سامة للكافيين عند 1200 ملغرام، والتي يمكن أن يوفرها تناول عبوتين أو ثلاث من مشروبات الطاقة في اليوم الواحد.
وقد تسبب الكميات الكبيرة من الكافيين مشاكل خطيرة في القلب والأوعية الدموية، مثل زيادة ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، الأمر الذي قد يتطلب الرعاية الطبية الطارئة. قد يضر الكافيين أيضاً بالجهاز العصبي للأطفال الذين ما زالوا في مرحلة النمو. قد يرتبط استخدام الكافيين كذلك بالقلق، ومشاكل الجهاز الهضمي، والجفاف وفي بعض الحالات النادرة قد يؤدي إلى الوفاة.
من أضرار مشروبات الطاقة أيضاً احتواؤها ما بين 54 إلى 62 جراماً من السكر المضاف، ما يتجاوز الحد الأقصى من السكريات المضافة المُوصى بها ليوم كامل. وجدت الأبحاث أن تناول المشروبات عالية السكر من أي نوع يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 26%، وزيادة الوزن، والإصابة بالنقرس (يسبب النقرس نوبات ألم حادة ومفاجئة في المفاصل، خاصة إصبع القدم الأكبر. كما يصاحب النقرس تورم واحمرار وسخونة والتهاب المفاصل، وقد يحدث تلف في الكلى أو تكتلات تحت الجلد، ويصيب النقرس الذكور أكثر من الإناث).
وقد حذر فريق من منظمة الصحة العالمية WHO في بيان نشر على موقع Frontiers in Public Health من الاستهلاك المتزايد لمشروبات الطاقة وما تشكله من خطر على الصحة العامة، وبالأخص بين صفوف الشباب.
وأشار الباحثون والخبراء بأنه نظراً لزيادة الإقبال واستهلاك هذه المشروبات، ارتفعت المخاطر الصحية المرتبطة بها، وبالتالي القلق العالمي من هذا الموضوع، وأوضحوا أن مبيعات مشروبات الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفعت 10% سنوياً ما بين عامي 2008 و2012، كما أن 500 علامة تجارية جديدة مختصة في تصنيع مشروبات الطاقة ظهرت في الأسواق في عام 2006.
هذا وأوضحت احصائيات الهيئة الاوروبية لسلامة الأغذية أن 30% من البالغين يتناولون مشروبات الطاقة في الدول الأوروبية، إلى جانب 68% من المراهقين، و18% ممن هم دون العاشرة من عمرهم أيضاً.
كما أشار التقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية إلى أن 70% من الشباب الصغار، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و29 عاماً، والذين يتناولون مشروبات الطاقة يقومون بخلطها مع الكحول، الأمر الذي يضاعف المخاطر الصحية المترتبة على تناولها.
الاستهلاك المتزايد
العالم يستهلك 100 ألف طن متري من الكافيين كل عام، ما يجعله السلعة الأكثر رواجا بعد البترول، إذ تتصاعد نسب استخدام العالم لمشروبات الطاقة وتعتبر المشروب المفضل لدى 75% من المراهقين في الولايات المتحدة وحدها.
سبب وجودها في المتاجر باعتبارها آمنة يجعل الكثيرين حالة في الولايات المتحدة الأميركية دخلت الطوارئ عام 2009 بسبب مشروبات الطاقة، إلا أنّ تلك الأعداد تضاعفت لتصبح 20 ألف حالة في عام 2011، ما يعني أن مشروبات الطاقة مستمرة في إغراء الناس، خاصة الفئات العمرية الصغيرة بداية من 12 سنة مثلا وصولا إلى 25 سنة.
الفئات الأكثر عرضة
المراهقون هم الأكثر عرضة لاستهلاك كميات كبيرة من مشروبات الطاقة، كما أنّهم الأكثر تضررا من استخدامها، والسبب الرئيسي يكمن في قلة وعيهم تجاه مكوناتها ومخاطرها، ويعتبرونها كالمشروبات الأخرى كالعصائر والصودا. إضافةً إلى انبهارهم فقط بشكل العبوة، ويشعرون بحرية بعض الشيء عندما يرون أنّهم كمراهقين يمكنهم تناول هذه المشروبات كما لو أنّهم بالغين، خصوصاً المراهقين الذين يرون أهلهم وأقاربهم يشربون الكحوليات وهم غير قادرين على ذلك.
هذه المشروبات لها آثار طيبة عليهم أبرزها التيقظ والشعور بالحماسة، لكن يقابل ذلك القلق والاكتئاب والأرق وزيادة النشاط المفرط وعدم الانتباه.
وقد طالب فريق بحثي من جامعة ووترلو عبر ورقة بحثية باتخاذ خطوات جادة للحد من حصول المراهقين على مشروبات الطاقة، وزيادة الوعي العام، والتثقيف حول الأضرار المحتملة لهذه المشروبات، وتقليل كمية الكافيين المتوفرة في كل منها قدر الإمكان.
وكانت دراسة نُشرت بدورية “نيوترشن إيديوكيشن آن بيهيفيور” قبل عامين اقترحت خمس خطوات أساسية يجب اتخاذها من أجل منع الفئات العمرية الأكثر تعرضا للخطر من الوصول لمشروبات الطاقة، والتي تبدأ بفرض قيود على بيع تلك المنتجات وتوفرها، وتغيير التعبئة والتغليف بحيث تكون بيانات العبوة واضحة، ورفع سعر تلك المنتجات، وتقليل إمكانية رؤيتها في المتاجر، وإجراء عدد أكبر من البحوث حول تلك المشروبات، مع توعية الطلبة بالفارق بينها وبين العصائر أو المنتجات الأخرى وأضرار كل منها.