أسباب انتشار العنف ضد المرأة … وعواقب عدم الإبلاغ عنه

للعنف ضد المرأة العديد من الآثار الصحية والنفسية والاقتصادية الخطيرة، وتعود تلك العواقب على الفتيات والنساء اللاتي يتعرضن لهذا العنف على المدى القصير أو الطويل، مما يؤدي إلى منع المساواة في مشاركتهن الكاملة بالمجتمع. 

لنتعرف أكثر على العنف ضد المرأة 

قامت منظمة الأمم المتحدة بتعريف العنف ضد المرأة بأنه: أي شكل من أعمال العنف الاجتماعي المترتب عليه أو يُحتمل أن يتسبب في وقوع معاناة أو أذى للمرأة من الناحية الجسدية أو النفسية أو العقلية، بما يتضمن في ذلك التهديد بالتعرض لأي فعل من هذا القبيل، كما يُصنف من العنف ضد المرأة الحرمان أو الإكراه التعسفي من حقوقها، بالإضافة إلى التعدي على حريتها سواءً في الحياة الخاصة أو العامة. 

يُصنف العنف ضد المرأة على اعتبار أنواعه 

العنف ضد المرأة لا يكون على شكل واحد، بل ينقسم إلى أنواع مختلفة، والتي تم تصنيفها على أساس الأشكال الرئيسية للعنف ضد الفتيات والنساء: 

عنف الزوج أو الشريك 

 يدل عنف الشريك أو الزوج على سلوكه تجاه المرأة، والذي قد يتسبب في أضرار جسدية أو نفسية، بما يتضمن في ذلك الاعتداء الجسدي أو الإيذاء النفسي، وغيرها من السلوكيات غير السليمة. ويتم تصنيف هذا النوع من العنف إلى إحدى الأشكال الأكثر شيوعًا منه، والتي تتعرض لها المرأة في جميع أنحاء العالم. وهو من مظاهر العنف المنزلي الذي يقع داخل المنزل الخاص بالزوجين. 

قتل النساء من أشكال العنف 

قتل النساء هو عبارة عن القتل العمد للفتاة أو المرأة لمجرد أنها أنثى، فإن التمييز ضد المرأة والدوافع المرتبطة بالجنس من أسباب قتل الإناث، وكذلك عدم تكافؤ القوى بين الإناث والذكور في المجتمعات. تعتبر جرائم قتل المرأة المتعلقة بنوع الجنس من أكثر أنواع العنف ضد المرأة وحشية وتطرفًا. 

العنف ضد المرأة عبر الإنترنت 

العنف ضد المرأة الذي تساعد عليه التكنولوجيا هو أي فعل تيسره أو تتسبب فيه أو يتم ارتكابه عن طريق استخدام شبكات تكنولوجيا المعلومات أو الاتصالات أو غيرها من الأدوات الرقمية، والذي يحتمل أن يؤدي أو تنتج عنه بالفعل أضرار جسدية، أو نفسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية للمرأة، إلى جانب غيرها من الانتهاكات للحريات أو الحقوق. والجدير بالذكر أنه قد يتم داخل نطاق الإنترنت أو خارجه، مثل تعقب أماكن وجود المرأة من خلال استخدام أجهزة محدد المواقع GPS، أيضًا بدأت أشكالٍ جديدة من هذا العنف في الانتشار، مثل المطاردة أو التهديد المعتمد على الصور المصنوعة بالذكاء الاصطناعي كمقاطع الفيديو المزيفة. 

الزواج المبكر والقسري للفتيات 

الزواج المبكر للفتيات هو أي زواج تكون فيه الأنثى أقل من 18 عامًا، إضافةً إلى أن الزواج القسري للفتاة هو الذي لا تعبر فيه شخصيًا عن موافقتها الحرة والكاملة والمستنيرة عليه. من المتعارف عليه على أوسع نطاق أن زواج الفتيات المبكر من أكبر أشكال انتهاك حقوقهن، وله الكثير من الأضرار على حياتهن، بما يتضمن في ذلك الحمل المبكر، والذي يؤدي إلى مخاطر الوفاة، وعدم القدرة على صنع القرار، والتوقف عن الدراسة. 

الأسباب الأكثر شيوعًا للعنف ضد المرأة 

تركز الكثير من المعتقدات الخاطئة حول العنف ضد المرأة على أسبابه، والتي تقدم بعض الأعذار التي تبرر ما يفعله الرجل مثل: 

• أن الرجل لا يستطيع السيطرة على غضبه. 
• يمكن للمرأة أن تبتعد إذا تعرضت للعنف. 
• دوافع العنف تكون ناتجة عن تصرفات المرأة تجاه الرجل. 

ولكن أثبتت الدراسات أن الدوافع الحقيقية لتعرض المرأة للعنف من الرجل هي: 

• تعرض الرجل لتاريخ من العنف الأسري في طفولته. 
• مشاهدته للعنف الأسري بين والديه. 
• عدم حصوله على مستوى جيد من التعليم. 
• إدمان الكحول المتسبب في ارتكاب جرائم العنف. 
• المعاناة من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. 
• السلوكات المسيطرة من الذكور ضد المرأة. 
• الخلافات الزوجية بين الشريكين. 
• المشكلات الناتجة عن شعور الرجل بالغيرة. 

انتشار العنف ضد النساء والفتيات 

قد أثبت التحليل الذي تم إجراؤه في عام 2018 ميلادية، والقائم على معلومات انتشار العنف ضد النساء والفتيات في الفترة ما بين عام 2000 ميلادية وحتى التاريخ المذكور في إطار 161 دولة على مستوى العالم، والذي أعدته منظمة الصحة العالمية أن حوالي واحدة من بين ثلاث نساء، أي ما يعادل 30% من إجمالي عددهن حول العالم تعرضن للعنف، سواءً كان عنفاَ جسدياً أو نفسياً من قبل الشريك أو غيره من الرجال. 

 تتراوح تقديرات مدى انتشار العنف ضد المرأة على أساس التقديرات العالمية والإقليمية أن ما يزيد عن ربع النساء اللائي تتوسط أعمارهن ما بين 15 إلى 49 عامًا، واللاتي كن في علاقة يتعرضن فيها للعنف الجسدي أو النفسي من قِبل الشريك لمرة واحدة على الأقل طيلة حياتهن معه ما بين 22% في الدول مرتفعة الدخل بأوروبا، و25% حسب تقارير منظمة الصحة العالمية للأميركتين، بالإضافة إلى 33% في الإقليم الإفريقي، وكذلك 31% بإقليم شرق المتوسط، و33% بإقليم جنوب شرق آسيا. 

يجدر ذكر أن تلك البيانات السابقة تدل على الانتشار الواضح للعنف ضد النساء والفتيات على مدار السنوات الماضية، وهو الأمر المُلاحظ بكثرة في جميع البلدان باختلاف ثقافاتها أو مستويات تقدمها. 

للعنف ضد المرأة عواقب صحية خطيرة 

يتسبب عنف الرجل ضد المرأة بأشكاله الجسدية، النفسية، أو الجنسية في العديد من المشكلات الصحية والعقلية والإنجابية على المدى القريب والبعيد للنساء. إلى جانب التأثير بالسلب على صحة الأطفال بعد الولادة، وأيضًا ينتج عن هذا العنف الكثير من التكاليف الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للمرأة وأسرتها ومجتمعها، وتكون العواقب الصحية في: 

• له عواقب مميتة مثل الانتحار أو القتل. 
• ينتج عنه إصابات بالغة، إذ قامت 42% من النساء اللاتي تعرضن للعنف من الرجل بالإبلاغ عن إصابتهن بسبب ذلك العنف. 
• يتسبب في حدوث حمل غير مقصود، والتعرض للأمراض النسائية، علاوةً على الأمراض المنقولة جنسيًا، بما يتضمن فيروس نقص المناعة البشرية. 
• إضافةً إلى أن عنف الزوج خلال فترة الحمل يرفع من احتمالات الإجهاض ويزيد من فرص الولادة المبكرة، حيث أثبت أحد الأبحاث التي أُجريت عام 2013 ميلادية أن النساء اللائي تعرضن للعنف من الأزواج هن أكثر عرضة للإجهاض بنسبة 16%، مع تعرضهن للولادة المبكرة بنسبة 41%. 
• قد تؤدي أشكال العنف تلك إلى الإصابة بالاكتئاب الحاد، وإجهاد ما بعد الصدمة، وغيرها من اضطرابات القلق الأخرى، فضلًا عن المعاناة من صعوبات في النوم، عدم انتظام الطعام، ومحاولات الانتحار. 
• قد تتضمن العواقب الصحية الأخرى الصداع الدائم، بالإضافة إلى متلازمات الألم، مثل: آلام البطن، الظهر، وآلام الحوض المزمنة، إلى جانب اضطرابات الجهاز الهضمي، صعوبة الحركة، والضعف العام للجسم. 

تأثير تعرض المرأة للعنف على أسرتها وأطفالها 

عند تعرض المرأة للعنف، فإن هذا لا يؤثر بالسلب عليها فقط، بل يعود أيضًا بتأثيرات سيئة على أطفالها، إذ أن الطفل الذي ينشأ في أسرة يسيطر عليها العنف، سيكون عرضة للعديد من الاضطرابات العاطفية والسلوكية. كما قد يؤثر هذا العنف على الأطفال عن طريق ارتكابهم أعمال العنف في وقت لاحق من حياتهم. 

إلى جانب تعلق عنف الزوج ضد المرأة بزيادة معدلات وفيات الأطفال الرضع أو صغار السن، نتيجة إصابتهم على سبيل المثال بسوء التغذية، أمراض الإسهال، وقلة إجراءات التحصين بسبب عدم حصولهم على الرعاية اللازمة أثناء سنوات طفولتهم. 

عليك الإبلاغ في حال تعرضك للعنف 

إذا كانت المرأة تتعرض للعنف المستمر من قبل الرجل، ولم تقم باتخاذ إجراء والإبلاغ عن تلك الوقائع، فإنها في هذا الوقت ستكون عرضة للكثير من المخاطر، والتي قد تصل إلى حد الموت إذا ظل الوضع لفترة أطول، لذا على النساء والفتيات الإبلاغ فورًا في حال تعرضهن للعف: 

يمكنك التوجه إلى أقرب مركز شرطة 

يجوز للمرأة التقدم بشكوى رسمية إذا تعرضت للعنف، أو لمجرد التهديد به. ولكن عند تقدمك بهذا الطلب ينبغي عليك تصوير تفاصيل كل ما وقع، والتأكد من وضوحه بالكامل في تقرير رسمي، وإذا تطلب الأمر، يمكن تدخل أطراف من الدعم المهني كالطبيب النفسي، الأخصائي الاجتماعي، أو المحامي. 

قد تصل الحادثة إلى النيابة العامة أو محكمة الأسرة 

يمكن رفع البلاغ مباشرةً بعد مركز الشرطة إلى مكتب المدعي العام، وهو ما يصل في النهاية إلى محكمة الأسرة. الجدير بالإشارة أنه في العريضة يجب ذكر الواقعة بالتفصيل، بدايةً من الوقت، الموقع، وصف الحادث كاملًا بأسماء جميع المرتبطين به، وعناوين الشهود في حال وجودهم، إلى جانب إرفاق أي دليل قد يُثبت واقعة العنف في القضية. 

سيتم الحصول على دليل العنف من خلال المؤسسات الصحية 

في حال تعرضك للعنف عليك التوجه على الفور إلى قسم الطوارئ بالمستشفى، وبعد الخضوع للفحص، سوف يكتب الطبيب المختص تقريره عن واقعة العنف، مع التأكيد على ضرورة إجراء الفحص لإثبات العنف قبل زوال آثار الاعتداء.