لقرون من الزمن، ظل البشر مفتونين بالأحلام ومعانيها. إذ يمكن أن تكون هذه الأخيرة مسلية أو محيرة أو مرعبة تمامًا. لكن هل سبق وأن تساءلت يوما، ماذا لو كانت هناك طريقة للتحكم في أحلامك؟
في الواقع، يعتقد بعض الباحثين أنه قد يكون من الممكن، ليس فقط التحكم فيها، بل استخدامها لتطوير شخصيتك وتجاوز بعض المطبات النفسية.
الحلم هو طريقة عقلك للتعبير عن أفكارك وعواطفك والأشياء التي عايشتها على مدار اليوم. تجد المشاعر المكبوتة طريقها إلى أحلامك عندما لا يتم التعامل معها. بمعنى أن ما تشاهده وما تقوم به خلال اليوم يمكن أن يؤثر أيضًا على أحلامك.
الأحلام الواعية Lucid Dreams
في معظم الأوقات، لا يكون الشخص مدركًا لما يحلم به. إذ من المرجح أن تستيقظ وتدرك أنك كنت تحلم بعد انتهاء الحلم وانقضائه. كما قد يكون تذكر الأحلام أمرًا صعبًا. لكن الحقيقة الصادمة التي تخفى على العديد من الناس هي ظاهرة التحكم في الأحلام والتي تعد ممكنة. وذلك وفق بعض الطرق التي تحدثت عنها العديد من الأبحاث العلمية.
الحلم الواضح أو الواعي أو Lucid Dream هو حالة من الوضوح الواعي التي في خضمها يدرك الحالم أنه يحلم. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 53٪ من الناس يختبرون أحلامًا واعية في مرحلة ما في حياتهم. لكن أقل من نصف هؤلاء الأشخاص يستطيعون أن يحلموا بشكل منتظم.
أوضحت إحدى الأبحاث المنشورة في المكتبة الوطنية للطب أن الحلم الواضح Lucid Dream يتميز بكونه حالة هجينة من الوعي مع حالات محددة وقابلة للقياس. تتراوح بين حياة اليقظة ونوم حركة العين السريعة (REM). حيث وجد الباحثون أن الأشخاص الذين تنتابهم الأحلام الواضحة يظهرون نشاطًا أكبر على مستوى أدمغتهم أكثر من أولئك الذين لا يختبرون الأحلام واضحة.
خلال الحلم الواضح أو الواعي، قد يكون الحالم قادرًا على التحكم في أفعاله ومحيطه. يحدث الحلم الواضح أثناء مرحلة نوم حركة العين السريعة عندما يكون الدماغ كله أكثر نشاطًا. باستثناء القشرة قبل الجبهية (الجزء المسؤول عن التخطيط والمنطق). وعلى الرغم من أن أي شخص يمكن أن يكون لديه حلم واضح، إلا أن بعض الناس يميلون إلى تجربته أكثر من غيرهم. بحيث غالبًا ما يتمتع الأشخاص المعرضون للأحلام الواضحة بمستويات أعلى من الوعي الذاتي واليقظة.
يمكن أن تكون الأحلام الواضحة Lucid Dreams أداة قوية لاستكشاف الذات والإبداع. كما يمكن استخدامها أيضًا للتغلب على الخوف والقلق والكوابيس. في الحقيقة، يستخدم بعض الأشخاص الأحلام الواضحة كشكل من أشكال العلاج والتعافي من الصدمات التي يتعرضون لها في حياتهم.
ستيفن لابيرج … رائد أبحاث الأحلام الواضحة
خلال العشرين عامًا الماضية، أصبح عالم النفس الفيزيولوجي الدكتور ستيفن لابيرج رائدًا في أبحاث الأحلام الواضحة. لم يخترع فقط واحدة من أكثر تقنيات الأحلام الواضحة شيوعًا، ولكنه قاد أيضًا العديد من الدراسات العلمية حول هذا الموضوع.
ساعد الدكتور لابيرج كذلك الباحثين على اكتشاف الفوائد العلاجية للأحلام الواعية Lucid Dreams. والتي قد تكون مفيدة في علاج بعض المشاكل، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، والكوابيس المتكررة، والقلق.
يقول الدكتور لابيرج أنه عادة ما يحدث الحلم الواضح بشكل عفوي. ومع ذلك، من الممكن تعلم كيفية الدخول في الأحلام الواضحة من خلال طرق مختلفة.
كيف تتحكم في أحلامك؟
يمكن أن يكون الدخول في خضم الأحلام الواضحة Lucid Dreams أمرًا سهلاً إلى حد ما باستخدام الطرق الصحيحة. وبالنسبة لأولئك الذين يفتقرون للخبرة في ظاهرة التحكم في الأحلام، قد يكونون قادرين على الدخول في حلم واضح بأنفسهم من خلال اتباع الخطوات التالية:
إضفاء أجواء لطيفة على غرفة النوم
إن الحرص على النظافة الجيدة لغرفة النوم يساعد في ضمان دورة نوم صحية. بما في ذلك تحصيل قدر كاف من مرحلة نوم حركة العين السريعة (وقت حدوث الأحلام الواضحة). لذا حاول أن تتأكد من أن تكون درجة حرارة غرفة النوم مريحة: 18.3 درجة مئوية، والتي تعتبر درجة حرارة النوم المثالية. كما يجب عليك أيضًا إبقاء الغرفة مظلمة وهادئة نسبيًا. وحاول الاستعانة بستائر التعتيم وأقنعة النوم وغيرها من الأشياء التي تساعد في تقليل مستويات الضوء، بينما يمكن لسدادات الأذن وأجهزة الصوت حجب الضوضاء الخارجية المزعجة.
جرب أسلوبي MILD وWBTB
من أجل تعزيز الدخول في عالم الأحلام الواضحة، عليك الاستيقاظ بعد النوم لمدة خمس ساعات (ويمكنك استخدام المنبه إذا لزم الأمر). واحرص أن تذكر عقلك بأنك تحلم مجرد أن تنام. هذه هي طريقة MILD التي أثبتت فعاليتها العالية في خوض غمار الأحلام الواعية. هنا تنتقل إلى الطريقة الثانية وهي WBTB، والتي تتطلب منك البقاء مستيقظًا لمدة 30 إلى 120 دقيقة قبل العودة إلى النوم مرة أخرى.
احتفظ بسجل أحلامك
جرب أن تكتب كل صباح كل ما تتذكره عن أحلامك في مذكرة. كما يمكنك أيضًا استخدام جهاز تسجيل صوتي لتسجيل ذكريات أحلامك. ستسمح لك السجلات التفصيلية بالتعرف على الأحلام بسهولة أكبر بمجرد أن تغفو، وهذا بدوره يمكن أن يساعد في تحفيز أحلام واضحة.
قوة التخاطر
يمكن لبعض الناس أن ينجحوا في الحصول على أحلام واضحة بمجرد إقناع أنفسهم بأنهم سيحصلون عليها بمجرد أن يناموا.
الألعاب الإلكترونية
أظهرت بعض الدراسات وجود صلة بين ممارسة ألعاب الفيديو والتحكم في الأحلام الواضحة. هذا ينطبق بشكل خاص على ألعاب الفيديو التفاعلية.
كما يمكن استخدام تقنيات أخرى لتحفيز الدماغ على جلب الأحلام الواضحة. ويتضمن ذلك تحفيز التيار المباشر عبر الجمجمة (tDCS)، والذي يخضع الدماغ لتيارات كهربائية بدون ألم في مناطق مختلفة من الدماغ.