في لبنان يوجد حوالي 12 مخيماً معترفاً به لدى الأونروا. ويقطن فيه أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين نتيجة الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1948، إلى جانب وجود اللاجئين السوريين بعد هروبهم عقب الحرب السورية عام 2011. وكانت الأونروا تشرف على 16 مخيماً رسمياً، دمرت منها ثلاثة تحديداً بين عام 1974 وحتى عام 1976 ولم تتم إعادة بنائها من جديد وهي: مخيم النبطية في جنوب لبنان، ومخيما دكوانة (تل الزعتر) وجسر الباشا في بيروت. وهناك مخيم رابع هو مخيم جرود في بعلبك تم إجلاء أهله منه ونقلهم إلى مخيم الرشيدية في منطقة صور.
وقد قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانّا فرونِتسكا إنّ: “مثل العديد من العائلات اللبنانيّة، يعاني آلاف اللاجئين الفلسطينيين في 12 مخيّما في جميع أنحاء لبنان من عواقب الأزمة الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة في لبنان”.
مخيمات لا سيطرة للدولة اللبنانية عليها، ولا يمكن للجيش اللبناني دخولها على الرغم من اندلاع الاشتباكات فيها أو وجود هاربين من العدالة سواء في جريمة القتل أو السرقة أو تجارة المخدرات وغيرها. وفي عام 2006، تقرر معالجة السلاح داخل المخيمات ونزعها خارجه عقب طاولة الحوار الوطني التي انعقدت في المجلس النيابي. لكن هذا القرار بقي حبراً على ورق، إذ إنّ الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات ما زالت مسلحة.
ووفقاً لتقارير الأونروا، فإنه حوالي 62% من اللاجئين هم من سكان المخيمات. في حين أن الـ 38% المتبقية متفرقون في أنحاء البلاد أو يُقيمون في تجمعاتٍ في محيط هذه المخيمات. إلا أنهم ليسوا جزءاً من الاتفاق الرسمي ولا يتلقون الخدمات نفسها التي يحصل عليها اللاجئون المسجلون.
المخيمات الموجودة في لبنان
مخيم البص: تم بناءه من قِبل الحكومة الفرنسية عام 1939 من أجل اللاجئين الأرمن القادمين من أرمينيا. وفي عام 1948 استقبل فيه اللاجئين الفلسطينيين القادمين من منطقة الجليل، وقد تم ترحيل الأرمن. يقع في مدخل مدينة صور الشمالي في جنوب لبنان وتبلغ مساحته 8 هكتارات وتعود ملكية أرضه إلى القطاع الخاص، وهي مؤجرة لصالح الأونروا. يبلغ عدد السكان في المخيم المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 9951 نسمة.
مخيم عين الحلوة: أسس عام 1948، يقع على بعد 3 كلم جنوبي شرقي مدينة صيدا، وقد تأسس على أرض كانت أصلا معسكرا للجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية، من قبل الصليب الأحمر بين عامي 1948 و1949. وقد بدأت الأونروا عملياتها في المخيم عام 1952، وتبلغ مساحته 29 هكتارا وهو أكبر المخيمات في لبنان من حيث السكان والمساحة. ويبلغ عدد السكان فيه المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 44.775 نسمة.
مخيم برج البراجنة: أسس عام 1948، يقع في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، وتبلغ مساحته 10,4 هكتارا، أرضه مؤجرة من قبل الأونروا. ويبلغ عدد سكانه المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 20.162 نسمة.
مخيم شاتيلا: أسس عام 1949، يقع في وسط العاصمة بيروت، وتبلغ مساحته حوالي 4 هكتارات. أرض المخيم قسم منها مؤجر لصالح الأونروا، والقسم الآخر ملك لمنظمة التحرير الفلسطينية. ويبلغ عدد سكان فيه المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 12.116 نسمة.
مخيم نهر البارد: أسس عام 1949، يقع على بعد 15 كلم شمال مركز مدينة طرابلس، تبلغ مساحته ما يقارب 20 هكتارا. وتعود ملكية أرضه إلى القطاع الخاص اللبناني، وهذه الأرض مؤجرة للأونروا، ويبلغ عدد سكان المخيم المسجلين في الأونروا لعام 2003 حوالي 28.931 نسمة.
مخيم مار إلياس: أسس عام 1952، يقع في جنوب غربي بيروت، وتبلغ مساحته حوالي نصف هكتار. يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيم المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 1414 نسمة.
مخيم الويفل: أسس عام 1952، يقع في البقاع الشرقي ويعتبر مدخل مدينة بعلبك الجنوبي ويقع على بعد 90 كلم شمال شرق بيروت، وتبلغ مساحته حوالي 5 هكتارات دونما وأرضه مؤجرة لصالح الأونروا من السلطات، ويبلغ عدد الفلسطينيين فيه المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 7478 نسمة.
مخيم المية مية: أسس عام 1954، يقع على أطراف قرية المية ومية على تلة تبعد 4 كلم إلى الشرق من مدينة صيدا في جنوب لبنان وهو مخيم صغير وأرضه مؤجرة لصالح الأونروا. ويبلغ عدد الفلسطينيين في المخيم المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 4995 نسمة.
مخيم البداوي: أسس عام 1955 يقع في شمال لبنان على مسافة 7 كلم شمال مدينة طرابلس، وتبلغ مساحته حوالي 20 هكتاراـ وتعود ملكية أرضه إلى القطاع الخاص اللبناني وهي مؤجرة لصالح الأونروا. ويبلغ عدد الفلسطينيين في مخيم البداوي المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 15.982 نسمة.
مخيم البرج الشمالي: أسس عام 1955، يقع شرق مدينة صور الساحلية في الجنوب الشمالي، وتبلغ مساحته 134 دونما وتعود ملكية أرضه إلى القطاع الخاص اللبناني، وهي مؤجرة من قبل الأونروا. ويبلغ عدد الفلسطينيين في المخيم المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 18.375 نسمة.
مخيم ضبية: أسس عام 1956، يقع على بعد 12 كلم شرقي بيروت على تلة تشرف على طريق بيروت-طرابلس الدولي، وتبلغ مساحته حوالي 8 هكتارات، وأرضه مؤجرة لصالح الأونروا. ويبلغ عدد الفلسطينيين في المخيم المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 4216 نسمة.
مخيم الرشيدية: أسس عام 1963، يقع جنوب مدينة صور الساحلية في الجنوب اللبناني، وتبلغ مساحته حوالي 25 هكتارا وأرضه مؤجرة من قبل الأونروا. ويبلغ عدد الفلسطينيين فيه المسجلين في سجلات الأونروا لعام 2003 حوالي 25.081 نسمة.
واقع واحتياجات المخيمات الفلسطينية
وتأتي دراسة “واقع واحتياجات المخيمات الفلسطينية في لبنان” التي قامت بها المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بالتعاون مع الغوث الإنساني للتنمية والتي أظهرت أن “مدارس الأونروا تفتقر في معظمها إلى الكثير من التجهيزات. فالمكتبات، حيث وجدت، لا تتوافر فيها الكتب والإصدارات العلمية الحديثة وأجهزة الحاسوب والأثاث المناسب للمطالعة. والملاعب صغيرة أيضاً وغير آمنة لممارسة الرياضة، والمختبرات بدورها لا تحتوي على المواد والتجهيزات الضرورية لشرح التجارب العلمية الموجودة في المناهج الدراسية”.
أما على الصعيد الصحي بيّنت أنّ “الفلسطينيين يعتمدون في استشفائهم بشكل رئيسي على وكالة الأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني، ويلي ذلك المستوصفات والعيادات الخاصة.
وفي الجانب الاقتصادي، لا تزال نسبة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين تعيش تحت خط الفقر. ويعود ذلك إلى ارتفاع نسبة البطالة بسبب ندرة فرص العمل ومنع الفلسطينيين من ممارسة الكثير من المهن.
والعنصر الآخر الذي أسهم في تردي الأوضاع الاقتصادية هو تقليص الأونروا لخدماتها في مختلف المجالات، واضطرار اللاجئ إلى تحمل فاتورتها، فضلاً عن الارتفاع المجنون للأسعار العالمية، وخاصة السلع الغذائية”.
وشرحت هذه الدراسة الواقع الاجتماعي في المخيمات إذ إنّه “لا يخلو أي مخيم فلسطيني من وجود عشرات المنازل غير الصالحة للسكن؛ لكون سقوفها لا تزال من الزنك، أو بسبب وجود تشققات فيها، ما يسبب خطراً على حياة ساكنيها. معظم المنازل صغيرة المساحة كثيرة الاكتظاظ. وبسبب بقاء مساحة المخيمات على حالها وتعذر التوسع الأفقي وعدم السماح للفلسطيني بالتملك خارجها، فإن الأبناء يعمدون إلى البناء فوق منازل ذويهم (التوسع العمودي).
المياه في معظم المخيمات غير صالحة للشرب بسبب التلوث والملوحة وارتفاع نسبة الكلس فيها، لذلك انتشرت محالّ تكرير المياه، التي شهدت إقبالاً كثيفاً رغم عدم وجود رقابة على توافر الشروط الصحية فيها. إضافة إلى ما تعانيه شبكة الكهرباء في لبنان من مشاكل ضعف التغذية ونظام التقنين، فإن المخيمات تضيف إلى تلك المشاكل اهتراء الأسلاك وتشابكها وقيام البعض بتمديد خطوط من أكثر من محول. أمّا الطرقات في المخيمات فهي ضيقة وتكثر فيها الحفر والمطبات العشوائية وتقضمها البيوت المجاورة التي بدأت تتوسع على الطرقات بلا حسيب ولا رقيب.
بالنسبة للشباب الفلسطينيين القانطين في المخيمات، فرغم حالة اليأس التي يعيشونها في لبنان نتيجة التضييق الكبير الذي يعانونه بسبب البطالة وعدم القدرة على العمل وقانون منع التملك. إلا أنهم يجدون مساحة للتنفيس عن احتقانهم في الأندية الرياضية والكشفية التي تنشط في المخيمات.
عينات تشرح واقع مخيماتها
وقد حاورنا أشخاص من بعض المخيمات الموجودة في لبنان وسألناهم عن الأوضاع هناك وكانت الافادات كالتالي:
مخيم شاتيلا
“على صعيد مخيم شاتيلا كوني أسكن فيه فإن الوضع من الناحية الأمنية أشبه بقنبلة موقوتة والأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. نعاني من آفة تفلت السلاح واستخدامه من قبل أشخاص عدّة ووجود السلاح في المنازل بين أيدي اشخاص تحت السن. أمّا بالنسبة للمعيشية، فقد كان العديد من الناس يقصدون المخيم وشوارعه نظرًا لأسعاره المقبولة، لكن اليوم أصبحت الاسعار أكثر غلاءً من الخارج والظروف المعيشية تزداد قسوة نظراً لارتفاع أسعار المواد الأساسية لكل منزل مثل الغاز الكهرباء وغيرها. ومن الناحية الصحية فإن المخيم اليوم هو أسوا مكان يمكن العيش فيه نظرًا لازدياد نسبة العمار وعدم توفر الشروط الملائمة للسكان وارتفاع نسبة الرطوبة داخل المنازل المسببة للعديد من الامراض كالتنفس وغيرها، إلى جانب ارتفاع أسعار الادوية وعدم توفرها. المخيمات اليوم لم تعد فقط للفلسطينيين، بل باتت ملجأ لجميع الجنسيات منها السورية واللبنانية وغيرها”.
مخيم برج البراجنة
“الوضع الأمني الحالي في المخيمات متوتر بالأخص بعد اشكالات مخيم عين الحلوة واجمالا بسبب تواجد العديد من الهاربين من العدالة أو تجار المخدرات الذين يروا في المخيمات ملاذُ ما يجعل المخيمات في حالة من الترقب للعاصفة. المخيمات الفلسطينية موجودة منذ بدء الاحتلال واجمالا عند سماع كلمة مخيم يربط الناس فكرهم فوراً هذه الكلمة بالفلسطينيين. لكن منذ الحرب السورية أصبحت المخيمات ملاذ للنازحين السوريين بحكم رخص إيجارات البيوت وتكلفة المعيشة المنخفضة. من المتعارف عليه أن الأونروا تدفع سنويا ايجار المخيمات وهي المسؤولة الاولى عن هذه الاراضي وعن تأمين كافة متطلبات العيش من مياه وكهرباء فهي المعنية بدفع فواتيرها للدولة اللبنانية”.
مخيم نهر البارد
“يبدو للكثير أن مخيم نهر البارد هو المخيم الامني والهادئ لعدم وجود سلاح فيه، ولكن هو للأسف مكان للمؤامرات التي تحاول تهديد أمن كل المخيمات حتى يصبح الوضع فيها متوتراً وغير آمناً. مخيم نهر البارد هو للاجئين الفلسطينيين فقط ويوجد عدد قليل جداً من السوريين وذلك بسبب الحواجز التي تحيط بالمخيم فلا يستطيع أصحاب الجنسيات الاخرى الدخول بدون إقامة. وقد أعيد اعمار هذا المخيم بعد حرب 2007 من قِب دول أجنبية وعربية مانحة وشركات لبنانية بالتواصل مع الأونروا”.
تجدر الاشارة إلى أنّ هناك مخيمات للاجئين السوريين مقدمة من الأمم المتحدة ولا صلة لها بالأونروا أو المخيمات الفلسطينية. وتحوي عرسال في البقاع اللبناني على التجمعات السورية الأكبر والتي تشتهر أيضاً بسمعة أمنية غير حميدة. لكن أكثر ما يعانيه اللاجئون السوريين في هذه المخيمات هو نقص الغذاء وعدم نظافة مياه الشرب واختلاطها مع مياه الصرف الصحي أحياناً إلى جانب إقامتهم في خيم قد تهدد سلامتهم نتيجة عوامل الطقس القاسية.