ذات صلة

آخر المقالات

أغلى زفاف في التاريخ

احتفالات أغلى زفاف في التاريخ لعريس وعروس ينتميان لأثرى عائلات الهند وآسيا، تقام في مدينة جامنغار الهندية.

ثورة الفلاحين تشعل أوروبا

غضب الفلاحين يصيب القارة العجوز، ويحدث فوضى عارمة في معظم بلدانها، إذ يطالب الفلاحون تخفيض أسعار الوقود والأسمدة ودعم المنتجات المحلية ووضع حدٍّ للظلم الذي يتعرضون له من الاتحاد الأوروبي.

أو جي سيمبسون – محاكمة القرن (الجزء الثاني)

كيفاش نجا أو جي سيمبسون نجم من نجوم كرة القدم الأمريكية من عقاب الجريمة البشعة اللي كايضن البعض حتى الآن أنه ارتكبها؟

“برابو سوبيانتو” رجل عدواني أم جد محبوب؟

برابوو سوبيانتو" اسم لطالما أرعب الإندونيسيين في مرحلة ما من تاريخ بلادهم، لكن على ما يبدو أن الأمور تغيرت، فالآن بات شخصية لطيفة محبوبة يعشقها الجميع.

غزو إسرائيل لرفح يثير مخاوف العالم

الاجتياح البري لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة هو قرار تستعد القوات الإسرائيلية لتنفيذه خلال الأيام المقبلة.

ليلة السابع والعشرين … عندما يُحتفل بالصائم الصغير لأول مرة

حرر بواسطة:

​​ صيام الأطفال ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان في المغرب، مناسبة تُعطاها من الأهمية ما تعطى لغيرها من المناسبات الاحتفالية المتميزة. حيث يتم خلالها إحياء طقوس وتقاليد تراثية احتفاء بالطفل الصائم وجزاء له على تجربة الصيام التي لم تفرض عليه بعد. وتشجيعاً من الأسر للجيل الناشئ للتشبث بتقاليد المغرب وأيضا تكريساً منهم للعادات الدينية في روح صغارهم. 

​ نوستالجيا رمضان في المغرب 

صورة تعبر عن سعادة الأطفال بمجيء ضيف السنة العزيز
صورة تعبر عن سعادة الأطفال بمجيء ضيف السنة العزيز

فلنرجع بالزمن إلى الوراء، حيث كان لصغار المغاربة كما صغار العالم المسلم دور فعال في استقبال رمضان أيام زمان. فكانت تعلو أصواتهم الطفولية المرحة بالأغاني والأهازيج الشعبية وسط الشوارع والقبائل وهم يقفزون ويرددون عبارات مغربية من قبيل: “تيريرا تيريرا … هذا شهر الحريرة”، “رمضان بوشاشية … شبعنا شباكية”. معبرين عن فرحهم وسرورهم بمجيء ضيف السنة العزيز. وهم يعددون أنواع الأكلات الشهيرة التي لا تفارق الموائد الرمضانية. 

​رغم تراجع ظهور هذه الأجواء الجميلة، فإن الذاكرة الجماعية ما زالت تحتفظ بها. وتستذكرها بين الفينة والأخرى خلال الجلسات العائلية. وينقلها الكبار للجيل الجديد، علّه يحييها هو الأخير عرفانا لما يحمله التراث المغربي من تقاليد لها أبعاد تربوية على القيم الدينية. 

​تحمل الذاكرة الشعبية المغربية في جوفها طقوسا وعادات رمضانية مميزة عن غيرها. إذ كانت معظم الأسر المغربية تسعى بشتى الطرق لتحبيب الأطفال في الصيام وربطهم بهذا الركن الديني. لذلك فأول صيام للطفل يعتبر حدثا عائليا مهما لا يزال يتنفس الحياة ليومنا هذا. 

​ ليلة الـسابع والعشرين من رمضان 

​ليلة الـسابع والعشرين من رمضان ليلة ليست كمثيلاتها في المغرب. فإضافة إلى الروحانيات والشعائر الدينية المجتَهدة طيلتها، وأعمال الخير التي تقوى منذ صباحها. يقام أيضا إحياء لتقليد توارثته الأهالي المغربية جيلا بعد جيل، إذ يتم الاحتفال بالصيام الأول للأطفال بتفاصيل تقليدية مميزة. 

​ طيلة العشر الأواخر من رمضان، تُنصب الخيام في الشوارع والساحات استعدادا لاستقبال الصائمين الصغار والاحتفاء بهم ليلة الـسابع والعشرين في عرس جماعي رحيب. وبتفاصيل تقليدية تضفي بهجة وجمالية للشوارع والأزقة المغربية. فيما يُحتفى بهم أيضا داخل البيوت كأهم العناصر الصائمة يومها. 

​ويدخل ضمن المحتفل بهم الصائم عن طريق ما يعرف عامة ب”تخياط النهار”. وهي طريقة قديمة اعتمدتها الأسر المغربية، كأسلوب من أساليب تربية الطفل وتحبيبه على أداء فربضة الصيام منذ الصغر. حيث يتم في الغالب تحفيز الصغير ذا السن الأقل من 10سنوات على صيام الفترة الصباحية من اليوم ليستكمل صيامه في الفترة الزوالية من اليوم التالي. وذلك رفقا بقدرته البسيطة على تحمل جميع ساعات الصيام. 

​ صغير العائلة… الصائم لأول مرة

​أصوات همس ترتيل القرآن الكريم، عبير الزهر والبخور، هدوء روحاني يعم أغلب البيوت المغربية يوم السادس والعشرين من رمضان وإخراج الصدقات ونشر الفرح. كلها شعائر دينية وأخرى بالمساجد يشارك فيها عريس ليلة السابع والعشرين صغير العائلة الصائم لأول مرة.​  

​يستحم الطفل قبل اللية الموعودة ليستقبل هذا اليوم بطهارة. ثم يصلي ركعتين ليعينه اللّه عزوجل على صيامه الأول. فيما تعد سفرة الإفطار على ذوقه وشهيته. 

يؤدي الصائم الصغير جميع شعائر ليلة السابع والعشرين من رمضان تماما كما الكبار
يؤدي الصائم الصغير جميع شعائر ليلة السابع والعشرين من رمضان تماما كما الكبار

​بعد حضور الصائم الصغير المسامرات الروحية، والجلسات الدينية مع أهله. وبعد صبره على الجوع والعطش طيلة ساعات الصيام، يجلس الصائم الصغير أمام المائدة الشهية المليئة بما لذ وطاب مرتديا لباسا تقليديا وماسكا تمرا ليقطع به صيامه. 

​يُؤذن آذان المغرب، فتسمع بعده مباشرة زغرودة الأم الفخورة. وترى ابتسامة الأب المعتز بابنه الصغير. ثم تقدم الأم للصائم الذكر بيضة مسلوقة في يده اليسرى ماسكة اليمنى لتضع وسطها بعض الحناء على شكل قرص صغير. معتبرة أن الشكل الدائري للحناء يأخذ شكل شمس صغيرة تحمل رمز الغد المشرق. فيما يؤجل وضع حناء الأنثى لبعد صلاة العشاء والتراويح. 

​ كما نجد في شمال المغرب عادة غريبة. حيث يتسلق الأطفال الصائمون سلالم خشبية تعبيرا روحيا عن السفر إلى الأعلى والتقرب إلى خالق السماء الرائعة. وما تحمل من غيبيات لا يعملها إلا اللّه في هذا الشهر الكريم. 

​بعدما يشبع الطفل الصائم بطنه ويروي عطشه، ويستجمع كل طاقاته. ينتقل إلى جمع التهنئة المالية من كبار العائلة. إذ يحمل الذكر طربوشه أو طاقيته وترفع الأنثى أسفل قفطانها أو كندورتها حتى تجعل منه جيبا لجمع الحصيلة. 

​يؤذن مؤذن العشاء، فيذهب الجميع إلى المساجد بمن فيهم الصائم الصغير، لتأدية شعائر الصلاة التي تكون في غاية الروحانية ليلتها. فمن الناس من يعتكف وصغاره طيلة ليلة السابع والعشرين من رمضان بالمساجد. ومنهم من يأخذ استراحات الى البيت ثم يعود. كل هذا بمشاركة الصائم الصغير، نجم الليلة. 

​ عرس رحيب … اللحظة التي ينتظرها الصائم الصغير

​بعد صلاة التراويح، تأتي اللحظة التي ينتظرها الطفل الصائم، خاصة الإناث منهم. إذ يرافق الوالدان طفلهم إلى إحدى الخيام المنظمة. حيث تكون مكتظة بالأطفال وذويهم ليتم تنكيفهم (تزيينهم) على طريقة العرائس. فتزين الطفلة الصائمة لأول مرة أمام جميع الحضور من الصغار والكبار بزينة العروس وتلبس قفطانا وتاجا على الرأس وتنقش يداها بالحناء. 

​أما الطفل فيلبس جلبابا أو “جبادورا” وطربوشا. وتبدأ الزغاريد والصلاة والسلام من السيدة المزينة (النكافة) وفريق الموسيقى (الدقة المراكشية، عيساوة…). ثم يحملون الصائم فوق العمارية ويطوفون به وسط تلك الأهازيج. ثم ينتهي الدور بالتقاط الصور ليحل محله صائم آخر يحتفى به بذات الحفاوة. 

اعتاد معظم المغاربة على إعداد طبق الكسكس ليلة السابع والعشرين من رمضان
اعتاد معظم المغاربة على إعداد طبق الكسكس ليلة السابع والعشرين من رمضان

​ بعد العودة إلى المنزل، يكون الصائم الصغير في غاية السعادة لما عاشه من احتفاء رائع. الشيء الذي يدفعه ويحببه في الصيام مرات أخرى. ليجتمع وأهله على طبق الليلة “الكسكس المغربي”. حيث اعتاد معظم المغاربة على إعداد هذا الطبق ليلة الـسابع والعشرين من رمضان. ولا يقتصر ذلك على البيت فقط، بل يتم توزيعه أيضا على المساجد المليئة بالمعتكفين والفقراء. وبعد الانتهاء من تناول الوجبة يخلد الصغير الصائم للنوم والابتسامة لا تفارق وجهه الصغير. وأخيرا يعود كبار العائلة إلى المساجد للتهجد حتى طلوع الفجر. 

​هكذا وأكثر حسب كل منطقة وعاداتها، يتم الاحتفال بالأطفال الصائمين لأول مرة. فبين رمضان الأمس ورمضان اليوم، عادات وطقوس تتراجع عاما تلو الآخر. لكن محاولات الأمهات والجدات بوصفهن حارسات التقاليد لا تتوقف. إذ يحرص البعض منهن على تشجيع بناتهن على القيام بها وإحياء ما استطعن منها. وينقلنها للأبناء والأحفاد حتى لا تموت من الذاكرة الشعبية المغربية.​ 

حرر بواسطة:

  • وجدان بوشاقور

    صحافية مساعدة ومحررة بقسم التحرير العام بإيكوبوست
    بنسليمان، المغرب
    كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية (المحمدية، المغرب) – إجازة في الدراسات الأساسية قانون خاص (2022)


    وجدان بوشاقور صحافية مساعدة ومحررة بقسم التحرير العام بالموقع الإلكتروني إيكوبوست منذ شهر فبراير 2023. راكمت تجارب متعددة في ميادين متنوعة قبل أن تعود إلى دراسة مجال القانون الخاص في أواخر سنة 2019.