ذات صلة

آخر المقالات

أغلى زفاف في التاريخ

احتفالات أغلى زفاف في التاريخ لعريس وعروس ينتميان لأثرى عائلات الهند وآسيا، تقام في مدينة جامنغار الهندية.

ثورة الفلاحين تشعل أوروبا

غضب الفلاحين يصيب القارة العجوز، ويحدث فوضى عارمة في معظم بلدانها، إذ يطالب الفلاحون تخفيض أسعار الوقود والأسمدة ودعم المنتجات المحلية ووضع حدٍّ للظلم الذي يتعرضون له من الاتحاد الأوروبي.

أو جي سيمبسون – محاكمة القرن (الجزء الثاني)

كيفاش نجا أو جي سيمبسون نجم من نجوم كرة القدم الأمريكية من عقاب الجريمة البشعة اللي كايضن البعض حتى الآن أنه ارتكبها؟

“برابو سوبيانتو” رجل عدواني أم جد محبوب؟

برابوو سوبيانتو" اسم لطالما أرعب الإندونيسيين في مرحلة ما من تاريخ بلادهم، لكن على ما يبدو أن الأمور تغيرت، فالآن بات شخصية لطيفة محبوبة يعشقها الجميع.

غزو إسرائيل لرفح يثير مخاوف العالم

الاجتياح البري لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة هو قرار تستعد القوات الإسرائيلية لتنفيذه خلال الأيام المقبلة.

عزوف الشباب عن القراءة، كتب حبيسة الرفوف وقراء حبيسو نقرات الإعجاب

حرر بواسطة:

بعد أن كان الكتاب صديقا وفيا لا يخون، ومتحدثا لا يمل حديثه، وخير جليس في الزمان، ها هو الآن وحيد بدون جليس.

وبعد أن كان السابقون يقتنون الكتب ويتهافتون عليها، ويدمنون على قراءتها ومطالعتها، ها هي الآن تنزوي في أركان المكتبات، يغطيها الغبار، وتأكلها عوامل الزمن.

أمهات الكتب تباع في الأرصفة، تنتظر من يلتفت إليها من المارة، أو من تلفته عناوينها الباهتة، ليحملها فضولا منه، ليتأمل ويعرف ما تحمله بين طياتها.

ففي عصرنا الحديث، نشهد عزوفا مجتمعيا عن الكتب، وتراجع ثقافة القراءة لدى الشباب. في زمن تعدد وتنوع ينابيع اكتساب العلم والمعرفة، ما بين وسائل مقروءة ومسموعة ومرئية.

فما تأثير الإنترنت على عزوف الشباب عن شراء الكتب؟ وكيف هو واقع القراءة في المجتمع المغربي؟

من بينها التربوي والاقتصادي، أسباب عزوف الشباب عن القراءة

تشهد ثقافة القراءة في المجتمعات العربية عامة والمجتمع المغربي خاصة، أزمة منذ فترة ليست بالقصيرة. تتعدد الأسباب التي أدت إلى عزوف الشباب عن قراءة الكتب، بل وعدائهم للقراءة، لكن الأزمة واحدة.

 وقد تتلخص بعض هذه الأسباب، في النقاط الرئيسية التالية:

القراءة والنظام التعليمي

ليس هناك مجال للشك في كون الوضعية المتأزمة في المدرسة المغربية، تعكس بدورها الوضيعة المتردية للقراءة في المجتمع المغربي بشكل عام، إذ هناك علاقة تأثير وتأثر بينهما.

وللوقوف على وضعية القراءة في المدرسة المغربية، يكفي مراجعة بعض الأرقام والإحصائيات الصادرة عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، للسنة الجارية. التي كشفت أن 77 في المائة من تلاميذ التعليم الابتدائي، لا يجيدون قراءة نص باللغة العربية مكون من 80 كلمة.

وقد تتعدد الأسباب التي أسهمت في تردي وضعية القراءة، والتي نأخذ مثالا عليها، اعتماد المدراس التعليمية على طرق تدريس، لا تنمي حب الإطلاع، بل تشجع على ثقافة الحفظ والتلقين، بدل منهج التحليل والتركيب وإعمال العقل. إضافة إلى عدم توفر مجموعات منها على مكتبات، خاصة المدارس العمومية، وإن حتى وجدت، فهي إما مغلقة في وجه مرتديها، أو أنها لا ترقى لمستوى تطلعاتهم.

القراءة والمحيط العائلي

يمكن أن تكون الأسرة الدافع الأساسي لاكتساب عادة القراءة لدى أطفالها، من خلال التشجيع على المطالعة في البيت. مثلما قد تكون من مظاهر تعمق أزمة القراءة.

لا تشجع معظم الأسر المغربية أبنائها على المطالعة خارج المقررات الدراسية، ظنا منها أنها هدر ومضيعة للوقت، الذي يمكن استغلاله لمراجعة الدروس التي ستكون موضوع الاختبار.

إلى ذلك أيضا، تفشي الأمية بين فئات هامة من الآباء والأمهات. ومن جهة أخرى عدم غرس عادة القراءة في نفوس الأطفال منذ الصغر. فكيف يمكن للطفل أن يؤانس الكتاب ويصاحبه، ويكتسب عادة القراءة، وهو مترعرع في بيت لا تفتح فيه الكتب. فإذا وجد الطفل هذه العادة منتشرة في محيطه العائلي، فإنه حتما سيدمنها، وسيحولها لطقس يومي.

القراءة وثورة المعلومات

أسهم تطور الإنترنيت في السنوات الأخيرة، إلى إفراز كثرة الملهيات والمغريات التي تأخذ وقت الإنسان بأكمله. من قبيل منصات التواصل الإجتماعي ومنصات ألعاب الفيديو… فصرت تبصر فئة واسعة وعريضة من الشباب، عاكفين أمام شاشات هواتفهم، أو أمام التلفاز لساعات طويلة.

سابقا، كانت المقهى مكانا لمناقشة القضايا الشائكة، وملتقى أصحاب الفكر والمنشغلين بقضايا الإبداع. تراهم وهم منهمكون في قراءة مختلف الكتب. لكن هذه الصورة النمطية ما لبثت أن تغيرت مع ظهور التكنولوجيا وثورة المعلومات على شبكة الإنترنت. ناهيك عن التحولات المتسارعة التي عرفتها مجتمعات دول العالم، وليس العالم العربي وحده.

ويمكن لأي منا من خلال معاينة بسيطة للفضاءات العمومية، كالمقاهي والحدائق، ووسائل النقل العمومي “سيارات الأجرة، طرامواي، الحافلات “، ليلاحظ أن المشهد العام في هذه الفضاءات يشوبه انهماك الأشخاص في تصفح أجهزتهم الذكية. والتي ألهت مكونات المجتمع عن قراءة الكتب، وأصبحت حتى المحادثات الثنائية أو الجماعية في هذه الفضاءات شبه نادرة.

غلاء أثمنة الكتب وهجرتها للمكتبة الرقمية

من المظاهر البارزة أيضا لأزمة القراءة، وازدياد حالات العزوف في صفوف الشباب، يوما بعد آخر. ارتفاع أثمنة الكتب مقابل ضعف القدرة الشرائية لأغلب الأسر المغربية. وهو ما أدى إلى هجرة القراء من عالم الكتب الورقية إلى عالم المكتبة الرقمية. هطه الأخيرة تتيح إمكانيات تحميل الكتب بصغية إلكترونية. وهي الهجرة التي لم تقتصر على القراء فقط، بل شملت أيضا الكتاب والمؤلفين.

في هذا السياق، وفي تصريح لجريدة إيكوبوست الإلكترونية، قالت فرح، 22 سنة: “أسعار بعض الكتب مبالغ فيها، ما شكل عائقا بيني وبين اقتنائها، بالرغم أنني مولوعة بالقراءة”، وأشارت “الكتب التي تباع بسعر معقول، ليست من نوعي المفضل”.

وأضافت فرح أيضا: “أفضل المكتبة الرقمية على المكتبة الورقية، لأنها تتيح لي إمكانية الحصول على ما أريد من الكتب وبالمجان. عبر تحميلها بصغية إلكترونية PDF”.

قلة الصبر وغياب النفس الطويل

قد تنضاف للأسباب المذكورة سابقا، قلة الصبر وكثرة الانشغلات. ولأننا في عصر السرعة. فغالبية الأشخاص لا يمتلكون النفس الطويل لمداومة القراءة. خاصة وإن كان الكتاب بحجم 100 صفحة أو أكثر.

التكنولوجيا لم تقتل الكتاب بل أعطته نفسا اخر

ومن وجهته، وفي تصريح خص به جريدة إيكوبوست، قال الدكتور عبد الجبار شكري، أستاذ باحث في علم الاجتماع وعلم النفس. “إن التكنولوجيا لم تقتل الكتاب بل أعطته نفسا آخر. موضحا أن هذا النفس يتجسد في سرعة الانتشار وجذب الأنظار”. مضيفا، “أنه بواسطة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الكتاب في متناول الجميع، فبالنقر على خاصية التحميل في الهاتف يحمل الكتاب برمته”.

وأضاف الأستاذ شكري في السياق نفسه “وسائل التكنولوجيا أبرزت الكتاب الورقي بجميع اللغات، وأصبح هناك طبع ونشر للكتب الإلكترونية بدل الورقية. ويمكن الحديث هنا عن ظهور الكتاب الالكتروني”، مبرزا في حديثه أن “التكنولوجيات شجعت على القراءة وسهلتها. المشكل أن هناك أسباب أخرى هي التي أضعفت حب القراءة عند الناس، وهو ضغط الوقت الذي يعد السبب الأكبر مقارنة بكل شيء آخر”.

وعن علاقة عزوف القراءة بواقع التعليم، قال الأستاذ عبد الجبار شكري: “التلميذ تحت إكراهات فروض المراقبة المستمرة في المدرسة، لا تسمح له بوقت إضافي للمطالعة الحرة. والطالب تحت إكرهات المساهمة في إلقاء العروض في الكلية، والناس تحت ضغط إكراهات العمل العمومي والخاص”.

وتطرق المتحدث إلى أن منتوجات التكنولوجيا من أفلام ومسلسلات وأغاني، ملأت كل أوقات الشباب، وجعلهم يبتعدون عن القراءة وبالتالي تدني مستواهم اللغوي والمعرفي.

الدولة وغلاء الكتب

وفي سؤال عن دور الدولة في غلاء أسعار الكتب، ألقى شكري باللائمة على وزارة الثقافة التي لا تدعم المثقفين لنشر كتبهم. لافتا إلى أن عدم اهتمام الدولة بدعمهم سبب من أسباب قلة النشر.

وأفاد “عندما نتحدث عن قلة النشر فإننا نتحدث عن ارتفاع سعر الكتاب”. موضحا أن المثقف الباحث، قدرته الشرائية ضعيفة. وعندما يقبل على نشر كتاب، فدور النشر تطلب منه مبالغ عالية وهو ليس باستطاعته أداؤها.

بينما أشار المتحدث نفسه إلى أن غياب الخزانات في القطاع الحضري والقروي ونوادي القراءة وتبادل الكتب، سبب من أسباب عزوف الشباب عن القراءة. مسجلا أن الشباب لا يملكون ثمن شراء الكتب وأسرهم غير قادرة على توفير الكتب لهم.

وتحدث عبد الجبار شكري، في سؤال حول السبل التي يمكن أن تشجع شباب الجيل الجديد عن القراءة وحب الكتاب، قائلا إن على الدولة والمجتمع المدني أن تدعم المثقف ماديا في نشر كتبه، مبررا ذلك بأن هذا الدعم المادي سيساعد في كثرة الكتب وتخفيض أسعارها.

وأضاف “على الدولة أن تبني خزانات لاستعارة الكتب في كل حي من أحياء مدن المملكة. لكي تسهل على الشباب الذهاب إليها”. مشيرا إلى أن على المجتمع المدني أن يخلق نوادي للقراءة والتحفيز بجوائز وتحبيب القراءة لدى الشباب.

حال أمة اقرأ مع القراءة وهوة ثقافية شاسعة

تتباين الأبحاث والتقارير والدراسات، التي تناولت نسبة المقروئية في المغرب خاصة والوطن العربي عامة. لكن جميعها تتفق على نتيجة واحدة تتعلق بتندني القراءة في صفوف الشباب.

وبالأرقام، واعتمادا على تقرير المجلس الإقتصادي والاجتماعي والبيئي، الصادر سنة 2019، والذي نشر بعنوان “النهوض بالقراءة ضرورة ملحة”. أفاد بأن المغاربة لا يقرأون، أو إنهم على الأقل لا يقرأون كثيرا.

وذكر التقرير أنه اعتمادا على بحث ميداني أجري سنة 2016، تبين أن 48.2 في المائة من المستجوبين لا يقرؤون الجرائد. في حين أن 15 في المائة، هي نسبة من يقرؤونها بكيفية يومية.

وسجل التقرير أيضا أن 64.3 في المائة، من المغاربة لم يشتروا كتابا واحدا خلال 12 شهرا التي سبقت هذا البحث الميداني. بينما أن 35.7 في المائة هم الذين اشتروا الكتب في الفترة نفسها.

وفي موضوع ذي صلة، أشار التقرير ذاته إلى أن المغرب يحتل المرتبة 162 على الصعيد الدولي في مجال القراءة والكتابة، حسب تصنيف اليونيسكو.

في تطور لاحق، وعكس البيانات والإحصاءات التي نُشرت سابقًا عن المنطقة العربية، فقد احتل المغرب المرتبة الثالثة بعد لبنان ومصر، في مؤشر القراءة العربي، الذي أعدته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سنة 2016.

وتبين من خلال نتائج هذا الإحصاء أن متوسط ساعات القراءة سنويا لدى المغاربة بلغ 57 ساعة سنويا. أما في ما يخص نسبة عدد الكتب القروءة، فوصل إلى 27 كتابا كمعدل سنوي.

الحلول وكفية ترسيخ مبدأ القراءة

بعد أن توقفنا عند أهم الأسباب التي أسهمت في تعميق أزمة عزوف الشباب عن القراءة، والهوة الثقافية الواسعة. لابد من الوقوف أيضا عند بعض الحلول، التي من الممكن أن ترسخ مبدأ القراءة وتحد من معضلة تدني القراءة في صفوف الشباب. وإن كان قد تمت الإشارة إليها سابقا:

  • اصطحاب الأطفال إلى المكتبات والمعارض.
  • تطوير المناهج العليمية وتحسين الكتب المقروءة في الصفوف الأولية.
  • غرس عادة القراءة عند الأطفال منذ الصغر.
  • الاعتناء بمكتبة المدرسة وتزويدها بالكتب المتنوعة، ذات الأغلفة المتميزة والجذابة، وخاصة في المرحلة الإبتدائية، إذ يميل الطفل إلى الصور والمناظر الجميلة.
  • استرجاع دور الخزانات العامة والمدرسية في كثير من الحواضر والمؤسسات التربوية.
  • التشجيع على المطالعة الحرة.
  • العمل على رفع نسبة القراءة، من خلال تسهيل عملية النشر وتوفير المواد المقروءة.

ويبقى حالنا هكذا اليوم، عيون تائهة في شاشات الهواتف، وكتب حبيسة الرفوف، لا يسمع أنينها إلا أصحاب المكتبات. وقراء حبيسو العالم الرقمي.

حرر بواسطة:

  • أميمة حدري

    صحافية ومحررة بقسم التحرير العام بإيكوبوست
    الدار البيضاء، المغرب
    المعهد العالي للصحافة والإعلام (الدار البيضاء، المغرب) – إجازة في الصحافة (2023)
    جامعة محمد الأول بوجدة - الكلية متعددة التخصصات (الناظور، المغرب) – سنة ثانية شعبة القانون (2022)


    أميمة حدري صحافية ومحررة شابة بقسم التحرير العام لمجلة إيكوبوست العربية منذ نونبر 2022. تلقت عددا من التدريبات الميدانية بمختلف المنابر الإعلامية المغربية ونشرت لها روبورتاجات ومقالات عديدة في مجالات مختلفة كالسياسة، الرياضة، المجتمع، الفن وغيرها. كان لأميمة حدري مرور عبر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، في مديرية الأخبار، قسم التحرير العربي، والتي أنجزت فيها عدة روبورتاجات تلفزية. تهتم أميمة حدري بالتعليق الصوتي بشكل خاص، كما تتقن التعليق على الصورة وكذلك الكتابة عليها.